البصرة – ارتفعت أسعار خام البصرة الثقيل والمتوسط، يوم الثلاثاء، بشكلٍ لافت رغم تراجع أسعار النفط عالمياً، ما أثار تساؤلات عن الآليات الغامضة التي تعتمدها الجهات الرسمية في تسعير النفط العراقي ومدى ارتباطها بمصالح فئوية داخل مؤسسات الدولة.
وبحسب مؤشرات السوق، ارتفع خام البصرة الثقيل 98 سنتاً (1.51%) ليصل إلى 65.68 دولاراً للبرميل، فيما زاد خام البصرة المتوسط 1.68 دولاراً (2.55%) ليبلغ 67.53 دولاراً، في وقتٍ كانت فيه أسعار النفط العالمية تواصل الانخفاض نتيجة ضغوط خطط “أوبك” لزيادة الإنتاج وتراجع الطلب الدولي.
مراقبون اقتصاديون وصفوا هذا التناقض بأنه “غير مبرر”، معتبرين أن السلطات النفطية في العراق تواصل إدارة القطاع بعيداً عن الشفافية والمساءلة، حيث تُحدّد الأسعار وفق معادلات داخلية لا تخضع للرقابة، وتُستخدم أحياناً لتغطية خسائر شركات مرتبطة بمسؤولين نافذين.
وأكدت مصادر من داخل وزارة النفط أن “الارتفاع المحلي في أسعار خام البصرة يأتي نتيجة تدخلات من جهات سياسية تمتلك نفوذاً مباشراً في إدارة المنافذ التصديرية”، مشيرةً إلى أن “بعض العقود المبرمة مع وسطاء وشركات خاصة تُدار بطريقة انتقائية، بما يضمن استمرار تدفق الأرباح إلى جهات محددة دون رقابة حقيقية”.
ويرى خبراء أن استمرار هذا النهج يكشف عجز الدولة عن ضبط مواردها النفطية، وأن الفوارق السعرية بين السوقين المحلي والعالمي باتت “منفذاً جديداً للفساد”، يُستغل لتبرير تحويلات مالية غير شفافة، خاصة في ظل غياب الإفصاح عن آليات التسعير اليومية والتعاقدات الخارجية.
ويؤكد متابعون أن ملف النفط في العراق أصبح رهينة مصالح سياسية وحزبية، وأن “كل ارتفاع أو انخفاض في الأسعار لم يعد يعكس حركة السوق بقدر ما يعكس حجم الصراع داخل دوائر القرار”، محذرين من أن استمرار هذا الوضع “سيجعل من النفط أداة تمويل للنفوذ بدلاً من أن يكون مورداً لخدمة المواطن”.
في ظلّ هذا المشهد، يتجدد السؤال الشعبي:
لماذا ترتفع أسعار خام البصرة حين ينخفض النفط عالمياً؟ ومن المستفيد من هذه الفوارق؟
الجواب، كما يبدو، ما زال حبيس أروقة السلطة، حيث تتغذى شبكات الفساد على ثروة البلاد فيما يزداد المواطن فقراً وتهميشاً.
![]()
