واسط – أظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإعلام الموحد للمعارضة العراقية بشأن فاجعة حريق مركز التسوق في الكوت، أن الغالبية الساحقة من المواطنين تُحمّل محافظ واسط محمد جميل المياحي مسؤولية الكارثة، وتطالب بإقالته ومحاسبته.
ووفق نتائج الاستطلاع، فإن 89% من المشاركين اعتبروا المياحي مسؤولًا مباشراً عن الحادث بصفته المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، مؤكدين أن الإهمال الإداري والتقصير في الرقابة على شروط السلامة كانا السبب الرئيسي وراء وقوع الحادث. بينما قال 11% فقط إن المسؤولية تقع على جهات تنفيذية أخرى تمارس المتابعة الفنية والإجرائية.
الصدمة الشعبية تضاعفت بعد تداول مقطع مصور يُظهر المحافظ وهو يُشاهد مبنى المركز التجاري يشتعل من بعيد، دون أي تفاعل يُذكر، في مشهد وصفه ناشطون بـ”البارد واللا إنساني”، بينما كانت العائلات عالقة وسط ألسنة النيران التي استمرت لأكثر من سبع ساعات متواصلة.
الحريق المأساوي، الذي وقع في مبنى مكوّن من خمسة طوابق لم تمضِ سوى أيام قليلة على افتتاحه، أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 70 مواطناً، إضافة إلى إصابة العشرات، في تكرار مقلق لسلسلة من الفواجع السابقة التي شهدتها محافظات نينوى وذي قار وبغداد، نتيجة غياب الرقابة الصارمة على شروط السلامة والإنشاء.
وفي تطور لاحق، أعلنت اللجنة التحقيقية العليا، المُشكّلة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، عن وجود “تقصير إداري جسيم” من قبل 17 مسؤولاً وموظفاً في عدد من الدوائر الخدمية والرقابية في المحافظة، تقرر على إثره سحب أيديهم من العمل مؤقتًا لحين استكمال التحقيقات.
وشملت قائمة المقصرين مدراء في بلدية الكوت، ومديرية السياحة، والرقابة الصحية، والماء، والطرق والجسور، إلى جانب إيداع مديري الأمن السياحي والدفاع المدني وآمر قاطع الدفاع المدني التوقيف.
ورغم هذه الإجراءات، يرى مراقبون أن التركيز على صغار الموظفين لا يعفي المحافظ من المسؤولية السياسية والإدارية الكاملة، وسط دعوات متصاعدة لإحالته إلى التحقيق أيضًا، باعتباره المسؤول الأول عن إدارة الأزمات المحلية وضمان سلامة المشاريع الخدمية والعامة.
ويؤكد مختصون أن هذه الكارثة تسلط الضوء مجددًا على منظومة فساد متجذّرة في دوائر الدولة، حيث تمر مشاريع بمليارات الدنانير دون رقابة حقيقية، وتُمنح تراخيص التشغيل بعيدًا عن الالتزام بمعايير السلامة والأمن.
ويرى كثيرون أن ما حدث في الكوت لم يكن حادثًا مفاجئًا، بل نتيجة حتمية لتراكم الإهمال، وغياب المحاسبة، واستمرار نظام إداري فاسد يُكرّس الإفلات من العقاب، ما يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي: هل تُحاسَب الرؤوس الكبيرة؟ أم تظل المسؤولية حكرًا على صغار الموظفين؟
![]()
