بغداد – كشف خبراء ومراقبون أن الإعلام العراقي يعاني من أزمة بنيوية مزدوجة، حيث تحوّلت بعض الفضائيات والمنصات الإعلامية إلى أدوات تلميع للشخصيات السياسية الفاشلة والفاسدة، مستغلة موسم الانتخابات لتحقيق مكاسب مالية على حساب المهنية والموضوعية، ما يعكس فساد السلطات في إدارة المشهد الإعلامي وغياب الرقابة الحقيقية.
وأشار رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية عباس الجبوري إلى أن الفضائيات التي تنحاز للمال السياسي تفقد مصداقيتها وتضعف ثقة الجمهور، مضيفاً أن الانحياز الإعلامي يضر بالمؤسسات الصحفية على المدى الطويل ويحوّلها إلى أذرع انتخابية بدل أن تكون سلطة رابعة.
من جهته، حذر الصحفي فلاح المشعل من أن الفضائيات والمنصات التي تروّج للسياسيين الفاشلين والفاسدين تفقد صفة الموضوعية وأخلاق المهنة، فيما يرى خبراء أن الإعلام الذي يخضع للتسويق السياسي يتحول إلى واجهة علاقات عامة لأحزاب ونافذين بدلاً من خدمة الجمهور والمساءلة.
وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي أن العراق ما زال يسجل أعلى عدد من الصحفيين الشهداء عالمياً خلال الثلاثين عاماً الماضية، ما يعكس المخاطر الحقيقية التي يواجهها الصحفيون المهنيون، مقابل انتهاكات هيكلية تسمح لغير المهنيين بالتسلل إلى المهنة والانخراط في سياسات تحكمها المصالح المالية والسياسية.
ودعا الغراوي إلى تشريع قانون حق الحصول على المعلومة وحماية الصحفيين، مؤكداً أن إصلاح الإعلام العراقي يتطلب إجراءات عاجلة تشمل تفكيك شبكات النفوذ السياسي والمالي وإعادة الاعتبار للصحافة المهنية، وإنهاء ظاهرة “انتحال الصفة” لمنصات وأشخاص يفتقرون للكفاءة الصحفية.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو الإعلام العراقي على مفترق حاسم بين أن يكون سلطة رابعة حقيقية أو مجرد أداة بيد المال والسياسة، ما يعكس فساد السلطات في إدارة ملف الإعلام وتنظيمه وضمان حياده المهني .
![]()
