بغداد – في تطور خطير يعكس تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة العراقية، اتهم النائب ياسر الحسيني حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتكريم أحد أبرز المتهمين بملفات فساد مالي، المدعو نور زهير، عبر منحه عقداً ضخماً لإعادة تأهيل السكك الحديدية في العراق بقيمة 22.5 مليار دولار، ما يعادل 33 تريليون دينار عراقي.
ووفقاً لما صرّح به الحسيني، فإن رئيس الوزراء أصدر توجيهاً رسمياً للشركة العامة لسكك الحديد بإلغاء العقد السابق مع زهير، إلا أنه عاد بعد شهرين فقط ليصدر كتاباً سرياً يأمر فيه بإلغاء الإبطال وإعادة تفعيل العقد ذاته، في خطوة وصفها المراقبون بأنها استخفاف بالقانون وشرعنة للفساد بعلم السلطة التنفيذية.
العقد المريب ينص على تأهيل 770 كيلومتراً من خطوط السكك الحديدية القديمة المتهالكة، على أن تستمر مدة التنفيذ لـ 43 عاماً، وتذهب خلالها 90% من العائدات إلى نور زهير مقابل 10% فقط للدولة العراقية، بحسب ما كشفه الحسيني. وأضاف أن قيمة العقد كانت قد حُدّدت سابقاً بـ 4 تريليونات دينار، قبل أن تُرفع لاحقاً إلى المبلغ الفلكي الحالي، ما يطرح تساؤلات جدية حول آليات التقييم والجدوى الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور إسماعيل مصبح الوائلي، إن هناك حالة رعب وصمت مفروض على النواب والسياسيين والإعلاميين والصحفيين في العراق، ويخشون الإفصاح عن أن عقد السكك الحديدية الهائل قد أُحيل فعلياً إلى شركة “خاتم الأنبياء” التابعة للحرس الثوري الإيراني، وأن نور زهير ليس سوى واجهة للعقد وممثل مصالح الحرس الثوري في العراق، مضيفاً أن هذا الشخص يحظى بحماية مباشرة من فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى.
هذا الكشف الخطير يعزز ما يتم تداوله من أن الفساد في العراق لم يعد مجرد تجاوز إداري، بل أصبح منظومة محمية سياسياً وقضائياً، تُدار من أعلى مستويات السلطة وتُنفّذ عبر واجهات اقتصادية معروفة.
وفي ظل هذا الصمت الرسمي، تتعالى الأصوات المطالبة بتحقيق عاجل وشفاف في هذا العقد الذي قد يُعد أحد أكبر ملفات النهب المنظم في تاريخ العراق الحديث، وسط تساؤلات حول قدرة الدولة على حماية مواردها من قبضة شبكات النفوذ والفساد التي تتغلغل في كل مفصل من مفاصلها .
![]()
