بغداد – كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي عن استمرار التراجع الحاد في مبيعات البنك المركزي العراقي من العملة الأجنبية للشهر الثالث على التوالي، في تطور يطرح تساؤلات جدية حول سلامة السياسة النقدية المتبعة، وسط اتهامات متزايدة بتضارب المصالح وغياب الشفافية في إدارة سوق العملة. وبحسب البيانات التي استعرضها العبيدي، فقد بلغت مبيعات الدولار في حزيران الماضي 5.7 مليار دولار، بانخفاض 15.5% مقارنة بشهر أيار، فيما بلغ إجمالي المبيعات خلال النصف الأول من العام 37.2 مليار دولار، متراجعًا بنسبة 2.2% عن نفس الفترة من 2024. الأخطر من ذلك، بحسب العبيدي، هو الهبوط التاريخي في مبيعات النقد المباشر التي لم تتجاوز 99 مليون دولار في حزيران، وهو أدنى رقم يُسجل منذ تطبيق آلية المبيعات النقدية، ما يثير الشكوك حول قدرة البنك المركزي على تلبية احتياجات السوق الفعلية بعيدًا عن قنوات مشبوهة أو غير رسمية. وفي مقابل هذا التراجع الحاد، شهدت آلية تعزيز الأرصدة ارتفاعًا لافتًا، لتبلغ مبيعاتها 5.6 مليار دولار في حزيران وحده، بزيادة 35% عن العام الماضي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة: هل يتم تحويل العملة إلى جهات محمية سياسياً؟ وهل يعكس هذا التغيير توجهاً لتمرير الدولار عبر قنوات محددة ومغلقة؟ ورغم هذه التحولات، لم يسجل سعر صرف الدولار في السوق الموازي أي ارتفاع يُذكر، ما يشير إلى احتمالين: إما تضييق فجائي على السوق السوداء بشكل غير معلن، أو تراجع حاد في الطلب الكلي على الدولار نتيجة ركود اقتصادي بدأ يضرب مفاصل الاقتصاد العراقي. وأكد العبيدي أن البنك المركزي أوقف كلياً آليتي التسويات الدولية والتحويل المباشر، مكتفياً بآليتين فقط، ما يمثل تقليصاً مثيراً للاستغراب في أدوات السياسة النقدية، وقد يعكس خضوعاً لضغوط داخلية أو خارجية، أو حتى رغبة في التحكم بمسارات تحويل العملة خارج الإطار الرقابي. وتشير التوقعات إلى أن مبيعات العملة ستتراجع إلى 70 مليار دولار مع نهاية 2025، مقارنة بـ80 مليار دولار في 2024، ما يعكس تحولاً بنيوياً يستوجب المراجعة. وختم العبيدي بالتحذير من أن هذه الأرقام قد تخفي خلفها مؤشرات أولية على دخول الاقتصاد العراقي في حالة ركود تدريجي، داعياً إلى فتح تحقيق شامل في آليات بيع الدولار .
![]()
