بغداد – في أعقاب الكارثة المأساوية التي شهدتها مدينة الكوت وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصاً، بينهم عائلات بأكملها، سارعت سلطات بغداد وميسان، يوم الخميس، إلى إعلان سلسلة من الإجراءات الوقائية المرتبطة بالسلامة العامة ودرء خطر الحرائق، في خطوة وصفها مراقبون بأنها متأخرة وغير كافية.
وأصدرت قيادة عمليات بغداد وشرطة ميسان توجيهات مشددة لتفتيش المنشآت التجارية، والمولات، والمستشفيات، وقاعات المناسبات، ومتابعة التزامها بشروط الدفاع المدني، بعد أن كشفت فاجعة الكوت هشاشة البنى التحتية وغياب أبسط مقومات الحماية من الكوارث.
ورغم أن التعليمات تضمنت توصيات روتينية كإخلاء السيارات من المواد القابلة للانفجار وعدم زيادة الأحمال الكهربائية، إلا أن غيابها قبل وقوع الفاجعة يطرح تساؤلات جوهرية حول أداء المؤسسات الحكومية ومدى تورطها في الإهمال والفساد الإداري، خصوصاً أن المبنى المحترق كان يخلو من مخارج طوارئ وأنظمة إنذار.
شرطة ميسان ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين طالبت بغلق كافة المشاريع التجارية المخالفة لشروط السلامة، لكنها لم توضح لماذا لم تُنفذ هذه الإجراءات سابقاً، خصوصاً أن حالات مماثلة سجلت في مناطق عدة دون محاسبة تُذكر.
ويرى ناشطون أن هذه التحركات المتأخرة تعكس تخبط السلطات وتواطؤها في منظومة فساد أطاحت بأرواح الأبرياء، مطالبين بفتح تحقيقات موسعة تشمل كبار المسؤولين، لا الاكتفاء بملاحقة مالكي المشاريع وحدهم.
وفي وقت تحاول فيه السلطات امتصاص الغضب الشعبي، لا يزال الشارع العراقي يتساءل: لماذا لا تُطبّق معايير السلامة إلا بعد أن يُحرق الناس أحياء؟
![]()
