بغداد – أعاد اغتيال عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات المقبلة، صفاء حسين ياسين المشهداني، في قضاء الطارمية شمال العاصمة، ملف الاغتيالات السياسية إلى صدارة المشهد العراقي، مسلطًا الضوء على فشل الدولة في ضبط التوازن بين الأمن والسياسة في موسم انتخابي حساس.
وقعت الحادثة حين انفجرت عبوة لاصقة بمركبة المشهداني، ما أدى إلى مقتله وإصابة أربعة من مرافقيه، في عملية وصفت بأنها الأخطر منذ مطلع 2025، وأعادت إلى الواجهة المخاوف من تكرار سيناريوهات العنف الانتخابي السابقة.
وعلى الرغم من الإدانات الدولية، حيث دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) إلى “تحقيق عاجل وشفاف لمحاسبة مرتكبي الجريمة”، ومحلية، إذ أكّد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي على متابعة الجناة، تظهر تحليلات ميدانية هشاشة التنسيق بين المؤسسات الأمنية، خاصة في مناطق تتداخل فيها صلاحيات القوات الحكومية والفصائل المحلية.
الخبير الأمني سيف رعد حذر من “تصاعد موجة الاغتيالات السياسية مع اقتراب الانتخابات، في ظل احتدام الصراع بين القوى وغياب الردع الأمني الكافي”، مشيرًا إلى أن “عدم كشف الجهات المسؤولة عن حوادث الاغتيال السابقة شجع أطرافًا على استخدام العنف كأداة ضغط سياسي”.
تُظهر الدراسات الأمنية أن تعدد مراكز القرار الأمني يزيد من ثغرات الحماية، وهو ما يفسر استمرار الانفلات رغم كثافة الانتشار العسكري.
من جهته، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علاوي البنداوي أن “الوضع الأمني في العاصمة مستقر والأجهزة تبذل جهودًا استثنائية مع اقتراب الانتخابات”، في محاولة لتطمين الرأي العام، رغم استمرار المخاوف من ضعف الرقابة في مناطق الأطراف.
تسلط حادثة الطارمية الضوء على تعدد القوى الأمنية العاملة وتشابك خطوط القيادة، خاصة بعد الجدل حول ادعاءات بعض الفصائل بوجود احتكاك مع القوات الأمريكية، رغم تأكيد جهاز مكافحة الإرهاب استقلال عملياته، ما يثير تساؤلات عن احتمال تواطؤ أو قصور أمني ساهم في تنفيذ الاغتيال.
القوى السياسية أدانت الحادث ووصفتها بأنه “استهداف للمسار الديمقراطي وأمن الدولة”، داعية إلى كشف الجناة ومحاسبتهم سريعًا، لكن الخبراء يؤكدون أن الوحدة السياسية لا تعني بالضرورة وحدة القرار الأمني، وأن معالجة ظاهرة الاغتيالات تتطلب إعادة هيكلة حقيقية لمنظومة التنسيق بين الأجهزة.
في المحصلة، لا يكشف اغتيال المشهداني ثغرة أمنية فحسب، بل يعكس أزمة عميقة في توزيع القرار الميداني بين الجهات الأمنية، حيث يبقى التحدي الأكبر هو استعادة وحدة القرار الأمني قبل أن يصبح التداخل غطاء دائمًا للفوضى والعنف السياسي.
![]()
