البصرة – يثير قرار محافظ البصرة أسعد العيداني بتأجيل تنفيذ قرار مجلس المحافظة القاضي بتغيير قائممقام قضاء القرنة، علامات استفهام واسعة في الأوساط المحلية، وسط اتهامات متصاعدة بوجود تواطؤ سياسي وتنسيق خلف الكواليس لحماية نفوذ قديم وتصفية حسابات انتخابية.
الوثيقة الرسمية ، والتي تحمل توقيع العيداني، تظهر بشكل واضح توجه المحافظ لتعليق القرار إلى ما بعد انتهاء الانتخابات، بحجة “الحرص على عدم استغلال عمليات الاستبدال لأغراض انتخابية”. غير أن مراقبين محليين اعتبروا هذا التأجيل محاولة مكشوفة للإبقاء على القائممقام الحالي حسنين علي عبد الحسين نجم، الذي يُتهم بعلاقات وثيقة مع دوائر نفوذ متجذرة في القضاء، تحظى بحماية سياسية من جهات متنفذة داخل البصرة.
قرار مجلس المحافظة باستبدال نجم لم يكن وليد اللحظة، بل جاء تتويجاً لسلسلة مطالبات شعبية بإنهاء ملف التجاوزات الإدارية والمالية، وتحقيق توازن جديد في إدارة القضاء الذي يعاني من أزمات خدمية وتنموية خانقة. غير أن تدخل العيداني المفاجئ وتأجيل التنفيذ يطرح تساؤلات جدية عن دوافع القرار، خاصة في ظل ما يشهده القضاء من تردٍّ ملحوظ في الخدمات وغياب المحاسبة.
مصادر مطلعة في البصرة تحدثت عن “شبكة مصالح” باتت تحكم بعض المفاصل الإدارية في المحافظة، تربط بين مسؤولين تنفيذيين وأعضاء نافذين في المجلس، ما يجعل قرارات الإقالة أو التغيير خاضعة لحسابات سياسية وانتخابية معقدة، وليس لمعايير الكفاءة أو النزاهة.
تأجيل تنفيذ قرار التغيير في هذا التوقيت الحرج، يضرب بمبدأ فصل السلطات عرض الحائط، ويضع علامات استفهام على نية الجهات الرسمية في مكافحة الفساد داخل الإدارة المحلية. فكيف يمكن تبرير الإبقاء على مسؤول محل جدل، بينما تسوّق السلطات المركزية والمحلية شعارات الإصلاح ومكافحة المحسوبية؟
ويبقى السؤال الأهم: هل تحوّلت مواقع السلطة في البصرة إلى حصص تُدار خلف الكواليس، يتم تأجيل حسمها لحين انتهاء جولة الانتخابات؟ وهل القرار الصادر من مجلس المحافظة مجرّد ورقة ضغط، أم خطوة حقيقية اصطدمت بجدار المحاصصة والتوافقات المشبوهة؟
ما جرى في ملف قائممقام القرنة ليس مجرد تأجيل تقني، بل هو نموذج فاضح على تعقّد المشهد الإداري في البصرة، حيث تدار المناصب بعقلية التحاصص والتكتيك الانتخابي، في وقت يئنّ فيه المواطن تحت وطأة الفساد والإهمال .

![]()
