بغداد – في مشهد يعكس حجم التراخي والازدواجية في تطبيق العدالة، قررت محكمة التمييز الاتحادية، التابعة لمجلس القضاء الأعلى، تخفيف الحكم بحق قاتل الصحفي العراقي ليث محمد رضا من 15 سنة إلى 6 سنوات فقط، بحجة أن الجاني “في مقتبل العمر ويستحق فرصة للإصلاح”
القرار، الذي أثار موجة استياء وغضب بين الأوساط الصحفية والشعبية، جاء رغم وضوح الأدلة والفيديوهات التي وثّقت **لحظة إطلاق النار المباشر على الصحفي أمام منزله في منطقة العرصات وسط بغداد خلال شهر آذار/ مارس الماضي، على يد شخص يعتقد أنه **ينتمي لحماية أحد المسؤولين.
الوثيقة الرسمية التي حصلت عليها وكالة “شفق نيوز” تؤكد أن المحكمة خففت الحكم عن القاتل رغم اعترافه الكامل، وبررت قرارها بـ”العمر الصغير” للجاني، في وقت يرى فيه الشارع أن مثل هذه المبررات **تفتح الباب أمام الإفلات من العقاب**، خاصة عندما يكون المتورط محسوباً على جهات نافذة أو مدعوماً من مسؤولين في السلطة.
شهود عيان أكدوا أن الصحفي الراحل ليث محمد رضا لم يكن في حالة شجار مسلح، بل كان يحاول **منع سائق سيارة فارهة من القيادة بسرعة داخل الزقاق** حفاظاً على الأطفال، إلا أن الأخير ردّ بإهانته ثم أطلق النار عليه من مسدسه الشخصي، ليسقط رضا قتيلاً أمام أعين المارة.
ورغم أن الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت **بوضوح الجريمة وتفاصيلها الدقيقة**، سارعت **قيادة شرطة بغداد** إلى إصدار بيان سريع بعد دقائق من الحادثة، زعمت فيه أن ما حدث “شجار بين جارين”، في محاولة لتخفيف وقع الجريمة، متجنبة ذكر أي صلة محتملة بين القاتل وأطراف متنفذة.
القرار الأخير لمحكمة التمييز لا يُقرأ بمعزل عن سلسلة من الأحكام القضائية المثيرة للجدل التي طالت قضايا رأي عام خلال السنوات الأخيرة، حيث يرى مراقبون أن العدالة في العراق أصبحت **خاضعة للتأثيرات السياسية والمصالح الشخصية**، فيما يُحرم الصحفيون والنشطاء من أبسط حقوقهم القانونية بعد مقتلهم أو تهديدهم.
بهذا القرار، يرى كثيرون أن القضاء العراقي وجّه **ضربة قاسية لحرية الصحافة** ورسالة واضحة بأن **الدم العراقي يمكن أن يُخفف حكم قاتله إذا كان يتمتع بعلاقات أو حماية من السلطة**، ما يعزز مناخ الخوف والصمت بين الإعلاميين ويكرّس غياب العدالة في البلاد.
![]()
