بغداد – رغم تصنيف العراق مؤخراً ضمن قائمة أغنى الشعوب العربية، إلا أن هذا التصنيف لا يعكس واقع حياة المواطنين، بل يكشف مفارقة صارخة بين ثروات تُعد من الأكبر في العالم، وواقع معيشي يعاني الفقر والحرمان، بحسب ما أكده الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، محذراً من الانخداع بمؤشرات ظاهرية تخفي فساداً متجذراً في مفاصل الدولة. وقال السعدي في تصريح صحفي إن إدراج العراق في قوائم الثراء يعود لتحسن مؤشرات اقتصادية عامة، كارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وامتلاك البلاد احتياطات نفطية هائلة، لكنه أكد أن هذه الأرقام لا تعني بأي حال من الأحوال أن المواطن العراقي ينعم بالرفاه أو العدالة في توزيع الثروة. وأضاف: “ما نشهده هو تراكم للثروات في أرقام وهمية، بينما تُهدر مليارات الدولارات في مشاريع فاشلة، ورواتب وهمية، وصفقات مشبوهة”، مشدداً على أن الفساد المالي والإداري هو العائق الأكبر أمام تحوّل العراق من دولة غنية بالموارد إلى دولة يعيش شعبها حياة كريمة. وأشار السعدي إلى أن غياب التنويع الاقتصادي وافتقار الدولة إلى استراتيجية واضحة لتنمية القطاعات الإنتاجية كالزراعة، والصناعة، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات، جعل من الاقتصاد العراقي رهينة أسعار النفط، ما جعله هشاً وعرضة للانهيارات مع كل أزمة سوق. وأوضح أن التصنيفات الدولية غالباً ما تعتمد على بيانات مجردة كالناتج المحلي واحتياطات الطاقة، دون النظر إلى كيفية إدارة هذه الموارد أو مدى انعكاسها على الواقع المعاش، معتبراً أن تصنيف العراق كأغنى دولة لا يتعدى كونه “تضليلاً ناعماً” ما لم يصاحبه إصلاح حقيقي يضمن محاسبة الفاسدين وإرساء العدالة الاقتصادية. وختم السعدي بالقول إن “الثروات وحدها لا تصنع الرفاه، بل الإرادة السياسية والإدارة الرشيدة. وما لم تُفتح ملفات الفساد، وتُسترد الأموال المنهوبة، فسيبقى العراق غنياً في الورق… مفلساً في الشارع”.
![]()
