ما تزال فاجعة “هايبر ماركت الكورنيش” في مدينة الكوت تكشف جوانب مأساوية وسط تطويق أمني مشدد يمنع تصوير المبنى المحترق من الداخل، فيما تواصل فرق الدفاع المدني عملياتها بوتيرة بطيئة بحثاً عن رفات الضحايا الذين حاصرتهم ألسنة اللهب والدخان الخانق. شهود عيان أفادوا بأن الحريق المروّع الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص – بينهم امرأة أجنبية – اندلع من جهاز تكييف (سبلت) في الطابق الثاني، وسرعان ما امتد إلى طوابق المبنى وسط غياب تام لأدنى تجهيزات السلامة. وأشاروا إلى أن عدد الجثث المنتشلة كان “كبيرًا وصادمًا”، مؤكدين أن الإحصائية الرسمية ما تزال غير مكتملة. وتُطرح تساؤلات خطيرة عن كيفية منح ترخيص لمشروع تجاري بهذا الحجم دون أن يكون مزوّدًا بأنظمة إنذار وإطفاء حرائق، ما يكشف مجددًا عن التواطؤ بين جهات حكومية فاسدة وأصحاب نفوذ استثماري، حيث تُمنح التراخيص دون تدقيق، وغالبًا عبر المحسوبيات والرشاوى. مصادر محلية أكدت أن المبنى يفتقر إلى مخارج طوارئ كافية، ولا توجد أي علامات توجيهية أو إجراءات إخلاء، مما أدى إلى احتجاز العشرات من الزبائن والعاملين داخل الطوابق العليا. الناجون اتهموا علنًا الجهات الرقابية بالتقصير، مؤكدين أن غياب الرقابة على شروط السلامة لا يمكن تبريره سوى بالفساد والإهمال المتعمد، مطالبين بفتح تحقيق شفاف ومستقل بعيدًا عن الجهات الرسمية المتورطة. في وقتٍ ما زالت فيه العائلات تبحث عن مصير أبنائها بين الرماد، تقف السلطات المحلية في واسط عاجزة عن تقديم تفسير مقنع، فيما يرى مراقبون أن الحريق ليس مجرد حادث عرضي، بل نتيجة حتمية لفساد مستشرٍ استهان بأرواح العراقيين مقابل أرباح غير شرعية.
![]()
