في مشهد جديد يكشف عمق الاحتقان الشعبي بسبب فشل الأداء الحكومي واستشراء الفساد في تنفيذ المشاريع الخدمية، خرج العشرات من أهالي منطقة الشرش التابعة لقضاء القرنة، شمال محافظة البصرة، بتظاهرة حاشدة، اليوم السبت، احتجاجًا على ما وصفوه بـ”العبث الممنهج” في مشروع البنى التحتية المتعثر منذ سنوات، والذي تنفذه شركة “الجدار الساند” وسط صمت رسمي وتجاهل لمعاناة السكان. المحتجون وجّهوا مهلة حاسمة لا تتجاوز ثلاثة أيام، مؤكدين عزمهم تنفيذ خطوات تصعيدية تبدأ باعتصام مفتوح ولا تستثني قطع طريق بغداد–البصرة الحيوي، في حال استمرار حالة التراخي والإهمال الحكومي في معالجة هذه الأزمة المتفاقمة. وقال الناشط المدني سيد سعد النور، أحد منظمي الاحتجاج، إن “الصبر قد نفد، والشركة متورطة بتسويف متعمد منذ عام 2018، ورغم عشرات المناشدات، لم يتحرك أحد من المسؤولين لمعالجة هذه الكارثة الخدمية”. من جهته، عبّر المواطن محمد علي عن استياءه من التعامل غير المسؤول مع الأهالي، مؤكدًا أن المشروع يشهد تلكؤًا ممنهجًا دون أسباب معلنة، ما يزيد من تعقيد الوضع المعيشي وسط انعدام تام للبنى التحتية. وأشار أحد المتظاهرين إلى أن التصعيد هذه المرة لن يكون رمزيًا، بل سيشمل نصب خيام الاعتصام وقطع الشريان المروري الرابط بين جنوب العراق ووسطه، في رسالة صريحة للسلطات المحلية والمركزية بأن صبر المواطنين وصل نهايته. وفي أول رد رسمي، أقر قائممقام القرنة عبد المجيد جعفر بشرعية المطالب، مؤكدًا أن “شركة الجدار الساند فشلت تمامًا في إنجاز المشروع، مما اضطر الجهات المحلية إلى سحب أجزاء من المشروع وإحالتها إلى شركات بديلة”. وتعهد جعفر برفع المطالب فورًا إلى محافظ البصرة أسعد العيداني، محذرًا من أن تجاهل هذه التحذيرات الشعبية ستكون له عواقب وخيمة على الاستقرار المحلي. هذا التصعيد الجديد يسلّط الضوء مجددًا على تراكم ملفات الفساد وسوء الإدارة الذي ينخر في جسد الدولة، ويطرح تساؤلات ملحة عن جدوى استمرار الحكومة في منح العقود لشركات فاشلة، دون رقابة أو محاسبة، ما يدفع المواطنين إلى الشارع كوسيلة أخيرة للدفاع عن أبسط حقوقهم في العيش الكريم والخدمات الأساسية
![]()
