بغداد – في مشهدٍ يكشف عمق الانقسام السياسي وتفشي ثقافة المحاصصة، تعصف بالعراق من جديد رياح الصراع على المناصب مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ يتشبث “الإطار التنسيقي” بالبقاء في رئاسة الحكومة باعتبارها “استحقاقاً شيعياً”، بينما يحاول بعض القادة السنة تحريك المياه الراكدة بطرح فكرة توليهم المنصب، في خطوة يراها مراقبون “مناورة سياسية” أكثر منها برنامج إصلاح حقيقي.
ورغم مرور أكثر من عقدين على تأسيس النظام السياسي بعد 2003، ما يزال منصب رئاسة الوزراء محور تجاذب بين القوى المتنفذة، التي جعلت من “التوازنات الطائفية” غطاءً لتقاسم النفوذ والثروة على حساب الدولة والمواطن. فالإطار التنسيقي يصرّ على احتكار المنصب بذريعة “الأغلبية الشيعية”، فيما تعتبر بعض القوى السنية أن الوقت قد حان لكسر احتكار السلطة بعد 22 عاماً من حكم الكتل ذاتها، في ظل فشل متكرر في إدارة الملفات الاقتصادية والأمنية.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه المعادلة الطائفية يؤكد غياب الدولة لصالح منظومة الفساد والمحسوبية، وأن ما يجري اليوم ليس تنافساً انتخابياً بقدر ما هو سباق على الحصص والمكاسب داخل حكومة تعيش على أنقاض ثقة شعبية مهدورة.
في المقابل، يستمر الحديث عن “الكتلة الأكبر” كذريعة قانونية للاحتفاظ بالمناصب، رغم أن الدستور لم ينص على توزيعها طائفياً. لكن القوى السياسية جعلت من هذا التفسير العائم قاعدة لتكريس حكمها، فيما يدفع العراقيون ثمن هذا الصراع من خلال خدمات متردية، واقتصاد مشلول، ومستقبل سياسي غارق في الفساد والولاءات .
![]()
