متابعات – في مؤشر خطير على تراجع الدور الرقابي للدولة وتقصير الأجهزة الأمنية في مواجهة الجماعات المنحرفة**، شهدت محافظة كركوك أول حالة انتحار مرتبطة بما يُعرف بـ”جماعة القربان”، وهي جماعة دينية متطرفة تُتهم بنشر أفكار تحضّ على قتل النفس والتضحية بالبشر، وسط غياب واضح لأي تحرك رسمي جاد لمكافحة هذه الظاهرة.
مصدر محلي في كركوك أكد أن “شاباً أنهى حياته داخل منزله في قضاء داقوق جنوبي المحافظة، بعد انضمامه لجماعة القربان عبر الإنترنت”، مشيراً إلى أن الانتحار تم دون أي رقابة أو متابعة أمنية رغم التحذيرات السابقة من نشاط هذه الجماعة في عدد من المحافظات.
ورغم أن الجهات الأمنية أعلنت فتح تحقيق بالحادث، إلا أن المراقبين يؤكدون أن مثل هذه التحقيقات غالباً ما تنتهي دون نتائج حقيقية، في ظل ما يُوصف بـ”اللامبالاة المؤسسية” تجاه انتشار أفكار غريبة تمسّ أمن المجتمع وعقيدته.
شهود عيان أفادوا بأن الشاب تعرف على الجماعة من خلال مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تجنيد الشباب بطريقة ممنهجة، وسط غياب رقابة وزارة الاتصالات والأجهزة المختصة بمكافحة المحتوى المتطرف**، الأمر الذي سمح بتمدد هذه الجماعات دون رادع.
الخطير في الأمر أن كركوك لم تشهد أي وجود علني لجماعة القربان حتى الآن، ما يعني أن **الاختراق الفكري يتم رقمياً دون أن تتخذ السلطات إجراءات جدية لوقفه**، فيما تشير المعلومات إلى أن أغلب أنشطة الجماعة تدار من مجموعات في محافظة ذي قار.
ويحمّل ناشطون ومراقبون السلطات مسؤولية مباشرة عن هذه الحوادث، إذ إن **الانشغال السياسي وصراعات النفوذ داخل مؤسسات الدولة تركت فراغاً أمنياً وثقافياً خطيراً**، تستغله جماعات منحرفة مثل “القربان” لتجنيد الشباب ودفعهم نحو الانتحار باسم “الطقوس الدينية”.
ورغم أن القوات الأمنية أعلنت في وقت سابق اعتقال العشرات من المنتمين للجماعة في محافظات عدة مثل واسط والبصرة والمثنى وذي قار والديوانية، إلا أن الظاهرة عادت لتطل برأسها من جديد، ما يؤكد أن المعالجة الأمنية وحدها لم تكن كافية، وأن السلطات فشلت في المواجهة الفكرية والتوعوية لهذه الجماعات.
في الوقت الذي ينص فيه الدستور العراقي على تجريم الانتماء إلى جماعات متطرفة، يرى الشارع أن تطبيق القانون يتم بانتقائية وتسييس، وأن غياب الرقابة والمحاسبة داخل المؤسسات سمح بعودة أفكار منحرفة تتغلغل في المجتمع بصمت.
وهكذا، يتحول انتحار شاب من كركوك إلى صرخة جديدة ضد فساد الإهمال الرسمي، ورسالة مؤلمة تكشف أن الفساد لم يعد مالياً فقط، بل وصل إلى فكر الناس وأمنهم، نتيجة غياب الدولة وضعفها أمام الانحراف الفكري والاجتماعي .
![]()
