في مشهد يعكس انهيار الثقة بمنظومة الانتخابات في العراق، كشفت خلية تابعة لجهاز الأمن الوطني عن تفكيك واحدة من أكبر شبكات الاتجار بالبطاقات الانتخابية، في ثلاث محافظات رئيسية، شملت بغداد ونينوى والأنبار، حيث تم ضبط 1841 بطاقة واعتقال 46 متهماً، وسط صدمة واسعة من حجم الفساد والتواطؤ الذي يضرب أساس العملية الديمقراطية.
ورغم إعلان الحكومة عن “إنجاز أمني نوعي”، يرى مراقبون أن ما حدث لم يكن إلا نتيجة مباشرة لفشل السلطة في تأمين العملية الانتخابية، وترك المواطنين عرضة لابتزاز تجار الانتخابات وسماسرة السياسة، الذين يعملون في العلن في ظل غياب الردع الحقيقي والرقابة الفعّالة.
وأكدت مصادر أمنية أن الشبكة كانت تنشط داخل الأسواق الشعبية والمناطق الفقيرة، مستغلة العوز المالي لشراء البطاقات بأسعار زهيدة، في وقت تكتفي فيه الجهات الحكومية بإصدار بيانات بعد فوات الأوان، دون أن تقدم حلولاً جذرية أو محاسبة حقيقية للجهات التي سمحت لهذه الشبكات بالتمدد.
وتصدّر وسم #بطاقتك_للبيع منصات التواصل، حيث عبّر ناشطون عن غضبهم، متسائلين: “إذا كانت آلاف البطاقات تُباع علناً، فكم عدد ما يُباع في الخفاء؟ ومن يحمي أصواتنا؟”، فيما طالب آخرون بإقالة المفوضية العليا للانتخابات وفتح تحقيق واسع في تورط مسؤولين محليين في هذه التجارة السياسية.
واعتبر محللون أن ما جرى يمثل تهديداً مباشراً لإرادة الناخبين ويعيد إلى الأذهان سيناريوهات التزوير التي رافقت الانتخابات السابقة، مؤكدين أن معالجة هذه الكارثة لا تكون فقط بإلقاء القبض على “المنفذين الصغار”، بل بمحاسبة المسؤولين عن الفشل البنيوي في حماية أهم أدوات الديمقراطية: بطاقة الناخب.
وفي وقت تصر فيه الحكومة على إجراء الانتخابات المحلية بموعدها، تبدو الثقة الشعبية متآكلة أكثر من أي وقت مضى، وسط قناعة متزايدة بأن الانتخابات أصبحت مسرحاً للتلاعب، لا وسيلة للتغيير الحقيقي.
![]()
