متابعات – في مشهدٍ يلخّص فشل السلطة وفساد إدارتها للموارد، تعصف موجة الجفاف بمحافظة ذي قار، بعد أن اقتصرت الخطة الزراعية الشتوية على 450 دونماً فقط من أصل 380 ألف دونم تم اقتراحها، وفقاً لتصريحات مدير زراعة ذي قار محمد الياسري.
كيف يمكن لمحافظة تُعدّ من أغنى مناطق العراق بالمياه والتاريخ الزراعي أن تتحول إلى أرضٍ قاحلة؟ الجواب في غياب التخطيط، وسوء الإدارة، وتغوّل الفساد داخل مؤسسات الدولة. فالحكومة المركزية، التي صرفت المليارات على مشاريع وهمية وسدود بلا فائدة، منحت ذي قار حصة لا تكفي مزرعة صغيرة، بينما تترك آلاف المزارعين بلا مصدر رزق.
الياسري أوضح أن المساحة المخصصة “تشمل فقط محصول الحنطة وللآبار الارتوازية المزودة بأنظمة ري حديثة”، أي أن الزراعة أصبحت امتيازاً للأثرياء، لا للمزارعين البسطاء الذين فقدوا أراضيهم بسبب العطش.
في المقابل، يستمر المسؤولون في إطلاق الوعود الفارغة واتهام دول الجوار، بينما الحقيقة أن الفساد الداخلي هو من عطّل مشاريع المياه وأهدر الثروات. فذي قار، التي كانت يوماً سلة غذاء العراق، أصبحت اليوم ساحة خراب، بلا مياه، بلا دعم، وبلا محاسبة.
إن ما يحدث ليس مجرد أزمة جفاف، بل جريمة بحق الجنوب العراقي، حيث يعيش المسؤولون في الرفاهية بينما يموت الفلاح عطشاً فوق أرضٍ سرقها الإهمال .
![]()
