بغداد – تتسع دائرة الفساد في مؤسسات الدولة العراقية، وهذه المرة تطال وزارة الصحة التي تواجه اتهامات خطيرة بالتلاعب في ملف التعيينات وتوزيع الوظائف على أساس المحسوبية والقرابة بدلاً من الكفاءة والاستحقاق. فقد تقدم النائب حيدر محمد كاظم المطيري بشكوى رسمية إلى مجلس القضاء الأعلى ضد وزير الصحة ومدير دائرة التخطيط وتنمية الموارد في الوزارة، متهماً إياهما بتعيين أقارب مسؤولين تنفيذيين خارج الضوابط القانونية.
وبحسب الوثيقة ، فإن الشكوى استندت إلى أحكام الدستور وقانون مجلس النواب، بعد ثبوت أن الوزارة أصدرت أوامر تعيين بموجب كتابها المرقم (19794) بتاريخ 29 أيلول 2025، تضمنت أسماء من ذوي مسؤولين نافذين تم اختيارهم دون مراعاة مبدأ المنافسة والشفافية.
وأوضح المطيري أن “ما جرى يمثل انتهاكاً صريحاً لمبدأ العدالة والمساواة الذي نصّت عليه المادة (14) من الدستور”، مؤكداً أن “هذه التعيينات تكرّس الفساد الإداري وتضرب فرص الآلاف من الخريجين الذين ينتظرون منذ سنوات حقهم في التوظيف”.
وتأتي هذه الفضيحة بعد أيام من بيان شديد اللهجة أصدرته نقابة أطباء الأسنان، اتهمت فيه وزارة الصحة بـ”التمييز في التعيينات واعتماد المحسوبيات والعلاقات الشخصية بدلاً من المعايير المهنية”، مؤكدة احتفاظها بحقها القانوني الكامل في اللجوء إلى القضاء لحماية حقوق الخريجين.
ويرى مراقبون أن هذه القضية تكشف استمرار نهج الفساد والمحاصصة داخل المؤسسات الصحية، حيث تتحول التعيينات إلى وسيلة لتبادل المنافع بين الأحزاب والمتنفذين، بعيداً عن أي رقابة أو مساءلة حقيقية.
فبدلاً من أن تكون وزارة الصحة مؤسسة لخدمة المواطنين، تحوّلت – بحسب الانتقادات النيابية والشعبية – إلى ساحة مغلقة لتوزيع المناصب على المقربين من أصحاب النفوذ، في وقت تعاني فيه المستشفيات من نقص الكوادر، وسوء الخدمات، وتردي البنى التحتية الصحية في أغلب المحافظات.
القضية التي وصلت إلى مجلس القضاء الأعلى تمثل اختباراً جديداً لقدرة السلطات القضائية على مواجهة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، في ظل تصاعد الغضب الشعبي من غياب العدالة في التوظيف واستمرار المحسوبية التي أنهكت مؤسسات العراق منذ سنوات .
![]()
