الانبار – في مشهد يعكس عمق الفوضى وسوء الإدارة في المؤسسات الحكومية، تفشّى فيروس الهربس (CyHV-3) مجددًا بين أسماك الكارب في محافظة الأنبار، دون أن تتمكن الجهات المعنية من السيطرة عليه أو منع تكرار ظهوره السنوي رغم التحذيرات المسبقة.
مدير بيئة الأنبار قيس ناجح اعترف بتسجيل إصابات جديدة بالفيروس، مكتفيًا بالإشارة إلى أن “أصحاب المشاريع السمكية كانوا على دراية مسبقة بموعد ظهوره”، وهو ما يكشف تقصيرًا رسميًا واضحًا في تطبيق إجراءات الرقابة والوقاية، وتحويل المسؤولية إلى المربين بدلًا من تفعيل الدور الحكومي الحقيقي في حماية الثروة الوطنية.
ورغم أن انتشار الفيروس أصبح ظاهرة موسمية، فإن المؤسسات المختصة ما زالت تعمل بطريقة ردّ الفعل، إذ تُعلن بعد كل موسم عن “حملات متابعة وتوعية” لا تتجاوز حدود التصريحات، فيما يواصل المواطن دفع الثمن من خلال العزوف عن شراء الأسماك خوفًا من الأمراض، وانهيار الأسعار إلى النصف في الأسواق العراقية.
الأدهى أن الجهات البيئية والصحية لم تضع حتى الآن خطة وقائية مستدامة، بل اكتفت بزيارة بعض المشاريع المصابة وتوجيه المربين “بعدم رمي الأسماك النافقة في الأنهار”، دون رقابة حقيقية أو محاسبة للمخالفين، مما يفتح الباب أمام انتشار العدوى في مجاري المياه والمزارع الأخرى.
التقاعس الإداري لم يتوقف عند حدود الأنبار؛ فالأزمة انعكست على أسواق بغداد والمحافظات، حيث تراجع سعر الكيلوغرام الواحد من السمك إلى 4 آلاف دينار بعد أن كان يصل إلى 10 آلاف، في ظل غياب واضح لدور وزارتي الزراعة والبيئة في حماية الإنتاج المحلي ودعم المزارعين المتضررين.
وبينما يطالب المختصون بضرورة إعلان “حالة طوارئ بيئية” لاحتواء الوباء الموسمي ومحاسبة المقصرين، تواصل الجهات الرسمية إطلاق الوعود ذاتها كل عام دون نتائج ملموسة، ليبقى فيروس الفساد الإداري أكثر فتكًا من أي فيروس يصيب الأسماك، في مشهد يختصر واقع الإهمال الذي ينهش جسد المؤسسات العراقية .
![]()
