البصرة – في مشهد يكشف عمق الفساد الإداري والاستهتار بحقوق العمال، تحولت احتجاجات عمال مشروع “FCC” التابع لشركة مصافي الجنوب في محافظة البصرة إلى اعتصام مفتوح بعد عشرة أشهر من المطالبات التي قوبلت بالتجاهل، قبل أن تتدخل القوات الأمنية لتفريقهم بالقوة وتعتدي على عدد منهم بالضرب، وفقاً لشهود ومشاركين في الاعتصام.
ممثل المتظاهرين أحمد شاكر أكد في تصريح أن “العمال يطالبون منذ أكثر من عشرة أشهر بإعادتهم إلى وظائفهم بعد فصلهم دون إنذار أو ضمانات، لكن لا أحد من نواب البصرة أو المسؤولين الحكوميين تحرك بجدية، بل إن بعضهم حاول استغلال قضيتنا لأغراض انتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات”.
وأضاف شاكر أن “مدير شركة مصافي الجنوب تجاهل وعوده السابقة بحل الأزمة، في وقت تم فيه استبدال الكوادر المحلية ذات الخبرة بعمالة أجنبية لا تمتلك أي معرفة بتفاصيل المشروع، مما يثير تساؤلات حول حجم الفساد والمحسوبيات التي تحكم عقود التشغيل”.
وأشار إلى أن “نحو 350 عاملاً خدموا لسنوات طويلة في المشروع قبل تشغيله الفعلي، لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة في الشارع بلا تعويض أو حق، مما دفعهم إلى نصب خيام الاعتصام أمام بوابة الشركة لإيصال صوتهم إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال زيارته المرتقبة للبصرة”.
في المقابل، وثق مراسل وكالة شفق نيوز استخدام القوات الأمنية القوة المفرطة في تفريق الاعتصام، ما أدى إلى إصابات بين المتظاهرين، بعد أن تم استبدال القوة المكلفة بحمايتهم منذ أشهر بعناصر جديدة تعاملت بعنف واضح، بحسب شهود عيان.
وأكد شاكر أن “القوات الأمنية اقتحمت البوابة الرئيسية للشركة بالقوة واعتدت على المحتجين أثناء محاولتهم منع دخول الموظفين، في خطوة اعتبرها العمال استفزازاً متعمداً لتكميم الأصوات وطمس معالم الاحتجاج السلمي”.
يأتي ذلك بالتزامن مع استعدادات الحكومة لزيارة رئيس الوزراء إلى البصرة السبت المقبل لافتتاح المشروع، في وقت يرى فيه العمال أن توقيت فض الاعتصام ليس صدفة، بل محاولة لإخفاء الفشل الحكومي في معالجة الأزمة قبل الزيارة الرسمية.
الاحتجاجات المتصاعدة في البصرة تكشف جانباً مظلماً من السياسات الحكومية في التعامل مع العمال العراقيين، إذ يتم التضحية بخبراتهم لمصلحة عقود غامضة وقرارات مسيّسة، بينما تستمر السلطات في إنكار الأزمة واستخدام “القوة” بدلاً من الحوار.
هل باتت مطالب العيش الكريم جريمة تستدعي القمع؟ أم أن النفط الذي يُصدَّر يومياً بمليارات الدولارات أصبح نقمة على أبناء البصرة بدلاً من أن يكون مصدر كرامة لهم؟
![]()
