بغداد – في وقت يعيش فيه العراق أزمات مالية متكررة، تكشف التصريحات البرلمانية الأخيرة عن ملف جديد من ملفات الإهمال والفساد المستتر داخل مؤسسات الدولة، حيث أكدت لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية أن تنظيم قطاع السياحة الدينية وفرض رسوم على الزوار الأجانب والعرب يمكن أن يضيف المليارات إلى موازنة العراق، لكن هذا “الكنز” ما زال مهدوراً بسبب غياب الإرادة الحقيقية والإدارة النزيهة.
عضو اللجنة، عارف عبد الجليل، أوضح أن “السياحة الدينية مورد استراتيجي ضخم لم يُستثمر كما يجب”، مبيناً أن العراق يستقبل سنوياً عشرات الملايين من الزوار إلى المدن المقدسة مثل كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية، ومع ذلك لا تنعكس هذه الأعداد الهائلة على الإيرادات العامة أو الخدمات المقدمة.
وأشار عبد الجليل إلى أن “تنظيم هذا القطاع وفرض رسوم دخول (فيزا) عادلة على الزوار العرب والأجانب يمكن أن يدر مليارات الدولارات سنوياً”، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن العائدات الحالية “لا تمثل حتى 10% من الإمكانات الحقيقية”، وهو ما يعكس حجم الفساد والتسيب في إدارة هذا الملف.
ويرى مراقبون أن غياب نظام إلكتروني موحد لإدارة السياحة الدينية، واستحواذ بعض الجهات المتنفذة على المنافذ والمواسم الدينية، حول هذا المورد الوطني إلى مصدر تمويل غير رسمي لصالح أحزاب وشخصيات نافذة، فيما بقيت المدن المقدسة تعاني من تراجع الخدمات، وضعف النظافة، وفوضى النقل والإسكان رغم مليارات الدنانير التي تُجمع سنوياً.
وتؤكد تقارير اقتصادية أن العراق يمتلك واحدة من أضخم الحركات السياحية الدينية في العالم، تفوق في بعض الأعوام عدد زوار مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومع ذلك لم تستفد الدولة من هذا الزخم بسبب سوء الإدارة وغياب الشفافية.
ختاماً، يرى خبراء الاقتصاد أن ملف السياحة الدينية أصبح مرآة للفساد الإداري والمالي في العراق، حيث تضيع الإيرادات بين المؤسسات، وتُترك المدن الدينية تعاني من الإهمال، بينما تستمر السلطات في التحدث عن “تنويع الموارد” دون أي خطوات فعلية نحو الإصلاح .
![]()
