البصرة – في مشهدٍ يعكس تصاعد الغضب الشعبي من أداء السلطات المحلية، تتواصل الاحتجاجات في محافظة البصرة وسط اتهامات متزايدة للأجهزة الأمنية باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، فيما فتحت الشرطة تحقيقًا بعد انتشار مقطع فيديو يوثق اعتداء عناصرها على أحد المتظاهرين.
ودعا مركز حقوق الإنسان في البصرة، في بيانٍ شديد اللهجة، وزارة الداخلية وقيادة شرطة المحافظة إلى وقف استخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع خلال تفريق التظاهرات التي تشهدها المناطق السكنية، محمّلًا السلطات الأمنية مسؤولية الإصابات التي طالت العشرات من المحتجين، بينهم نساء وأطفال.
وقال مدير المركز علي العبادي في تصريح خاص، إن استمرار إطلاق النار وسط الأحياء المكتظة، مثل منطقة الحيانية، “يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتهديدًا مباشرًا لسلامة الأهالي”، مؤكداً أن “ما يجري في البصرة تجاوزٌ لكل الأعراف القانونية والإنسانية، ويكشف ضعف الرقابة الحكومية على أداء القوات الأمنية”.
وطالب العبادي بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن “التصرفات المنفلتة التي حولت شوارع المدينة إلى ساحات مواجهة”، داعياً الحكومة إلى الالتزام بالتعليمات التي تحظر استخدام الذخيرة الحية ضد المدنيين.
وفي محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، أصدرت قيادة شرطة البصرة بيانًا قالت فيه إن مقطع الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي “يُظهر حادثة اعتداء على أحد المتظاهرين”، مؤكدة أن القائد العام للشرطة اللواء لطيف عبد الرضا السعد وجّه بفتح تحقيق عاجل لمعرفة المتسببين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
غير أن ناشطين وحقوقيين شككوا بجدية التحقيقات، معتبرين أن “التحقيقات المتكررة ما هي إلا محاولة لتجميل صورة السلطات أمام الرأي العام بعد توثيق فشلها في إدارة الأزمات”.
وشهدت البصرة، مساء الاثنين، تجدد التظاهرات في منطقتي التميمية والحيانية لليوم الرابع على التوالي، احتجاجًا على تفاقم أزمة ملوحة المياه، التي باتت رمزًا لعجز الحكومة المحلية وفسادها الإداري، إذ تتكرر الوعود دون حلول ملموسة فيما يتواصل تدهور البنى التحتية والخدمات الأساسية.
ويرى مراقبون أن ما يجري في البصرة اليوم يكشف عمق أزمة الثقة بين المواطن والسلطة، وأن استخدام العنف ضد المحتجين أصبح سياسة ممنهجة لإخماد الأصوات الغاضبة بدل معالجة أسباب الأزمة التي تتفاقم منذ سنوات دون محاسبة حقيقية للمسؤولين عنها.
![]()
