بغداد – تكشف أجواء الارتباك داخل حزب تقدم عن عمق الأزمة السياسية التي يعيشها رئيسه محمد الحلبوسي، بعدما تحوّل من “رجل القرار” في الأنبار إلى محور جدل واسع وغضب شعبي متصاعد، وسط اتهامات له بالاستبداد، واستغلال النفوذ، وتكميم الأصوات المعارضة.
الناشط السياسي بلال الجميلي قال إن “التصريحات الأخيرة للحلبوسي تعكس حالة واضحة من القلق والارتباك بعد تصاعد المعارضة في المحافظات الغربية، خصوصاً في الأنبار التي كانت تُعدّ معقله السياسي الأول”، مشيراً إلى أن “لغة التشنج والاتهامات المتكررة ضد خصومه السياسيين تعبّر عن فقدان السيطرة داخل الحزب، وتراجع الثقة بين قياداته”.
ويضيف الجميلي أن “الحلبوسي وحزبه لم يتوقعوا هذا الزخم الشعبي الغاضب الذي واجهوه خلال الحملة الانتخابية، خاصة بعد سنوات من التفرد بالسلطة واتباع سياسات تعسفية واعتقالات طالت ناشطين ومعارضين”، مؤكداً أن “مؤتمرات خصومه الانتخابية في الأنبار كشفت حجم التراجع الشعبي لتقدم، وفضحت هشاشة نفوذ الحلبوسي الذي كان يظن أن المحافظة باتت ملكاً سياسياً خاصاً به”.
مصادر من داخل تقدم تحدثت عن تصاعد الانقسامات الداخلية وتبادل الاتهامات بين القيادات حول إدارة المرحلة المقبلة، في ظلّ اتهامات للحلبوسي بأنه يدير الحزب بعقلية “الرجل الواحد”، ويستخدم مؤسسات الدولة والنفوذ المالي لفرض الولاءات، ما زاد من حجم الاستياء داخل صفوف الحزب نفسه.
في المقابل، يرى مراقبون أن الصمت الحكومي حيال تجاوزات قيادات تقدم يعكس نوعاً من الحماية السياسية التي تحظى بها بعض الأطراف المتنفذة، رغم تصاعد التقارير حول شبهات فساد إداري ومالي داخل المجالس المحلية التي يهيمن عليها الحزب في الأنبار وصلاح الدين.
وتشير المعطيات إلى أن شعبية الحلبوسي تراجعت بشكل غير مسبوق، بالتزامن مع بروز شخصيات جديدة داخل المشهد الغربي، وتزايد قوة تحالفات منافسة مثل العزم، الأمر الذي جعل موازين القوى أكثر تقلباً وأربك حسابات الحلبوسي الانتخابية.
وبحسب متابعين، فإن “الارتباك الحالي ليس سوى انعكاس طبيعي لسنوات من التسلط والفساد واحتكار القرار”، مؤكدين أن “المرحلة المقبلة قد تشهد تفكك حزب تقدم أو على الأقل تراجع نفوذه، في ظلّ خسارته الحاضنة الشعبية التي كانت تُعتبر مصدر قوته الأولى”.
وبينما يحاول الحلبوسي الظهور بخطابٍ تصالحي في العلن، تتحدث الكواليس السياسية عن حالة طوارئ داخل الحزب وإعادة ترتيب التحالفات بأي ثمن لضمان البقاء في المشهد، بعد أن تحوّل نفوذ “تقدم” من رمز القوة إلى نموذج لارتباك السلطة وتخبطها في مواجهة الشارع الغاضب.
![]()
