بغداد – رغم مرور أكثر من ثمانية أشهر على بدء العام، ما تزال موازنة الدولة العراقية غائبة، في مشهد يعكس حجم الفوضى وسوء الإدارة داخل مفاصل السلطة المالية. ووسط صمت حكومي مريب، تتحدث تسريبات نيابية عن محاولات لتمرير موازنة مشوّهة، تسعى وزارة المالية من خلالها إلى سد العجز عبر “تعظيم الإيرادات غير النفطية”، لكن دون إجراءات حقيقية على الأرض، مما يثير الشكوك حول مصير المال العام.
الخبير الاقتصادي علي دعدوش حذّر من أن السلطة تميل دائماً إلى الخيار الأسهل: الاقتراض مجددًا، بدل القيام بإصلاحات حقيقية تبدأ من تقليص الإنفاق التشغيلي غير الضروري، كالسفر والضيافة ومصاريف المباني التي ترهق الخزينة دون فائدة. دعدوش أشار إلى مشاريع حكومية متوقفة أو غير مجدية تستنزف الموارد، ودعم حكومي للطاقة والسلع يذهب لجيوب الأغنياء بدل المحتاجين، وكل ذلك وسط غياب واضح للرقابة والشفافية في العقود.
السيناريو ذاته الذي أدى إلى عجز مالي هائل في موازنة 2024 يتكرر مجددًا، وسط فشل حكومي في حصر إيرادات الضرائب والكمارك وأجور الخدمات، لتبقى البلاد تدور في حلقة فساد وهدر، دون إصلاح أو مساءلة حقيقية.
إن تأخر إقرار الموازنة ليس مجرد خلل إداري، بل نتاج لتراكم الفساد وتغوّل المصالح داخل السلطة، ما يدفع الدولة من جديد نحو الاقتراض، على حساب قوت الشعب ومستقبل الأجيال .
![]()
