بغداد – بينما تستعد البلاد لانتخابات جديدة، تبدو السلطات العراقية غارقة في مستنقع النفوذ الخارجي والفساد الداخلي، وسط عجز حكومة محمد شياع السوداني عن فرض إرادتها الوطنية أو حماية العملية الانتخابية من التلاعب والهيمنة الحزبية.
فقد كشفت وكالة أسوشيتد برس في تقريرها الأخير أن انتخابات 2025 في العراق تجري في أجواء متوترة تتشابك فيها خيوط النفوذ الإيراني والضغط الأمريكي، فيما يحاول السوداني الحفاظ على موقعه وسط لعبة سياسية معقدة تحكمها الولاءات لا البرامج، والمصالح لا المبادئ.
ورغم الحديث عن “توازن دقيق” بين طهران وواشنطن، إلا أن الواقع يكشف تغلغل النفوذ الأجنبي في القرار العراقي، وتحول البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية، بينما تكتفي الحكومة بالتصريحات المكرّرة عن السيادة والاستقلال دون أي إجراءات فعلية.
التقرير أشار إلى مشاركة 7768 مرشحاً بينهم أكثر من 2200 امرأة في سباقٍ على 329 مقعداً برلمانياً، في انتخابات يغيب عنها التيار الصدري وائتلاف النصر، ما يثير تساؤلات حول نزاهة المشهد السياسي الذي أصبح حكراً على الأحزاب المتنفذة والمليشيات المسلحة.
وبينما تتعهد المفوضية العليا للانتخابات بملاحقة المتورطين في شراء الأصوات واستخدام المال السياسي، فإن الواقع يقول عكس ذلك، إذ تُبرم الصفقات في وضح النهار، وتُباع الأصوات علناً في الأسواق السياسية، في ظل صمت حكومي وتواطؤ إداري فاضح.
تقرير أسوشيتد برس أشار كذلك إلى تنامي العنف الانتخابي، بعد مقتل المرشح صفاء المشهداني في بغداد، وهو مؤشر على أن السلاح ما زال أقوى من القانون، وأن الدولة عاجزة عن حماية أبسط استحقاق ديمقراطي من فوضى المليشيات.
ورغم محاولة السوداني تبرير مشاركة الأذرع المسلحة بالقول إن “من تخلى عن السلاح له حق دستوري بالمشاركة السياسية”، إلا أن الواقع يثبت أن السلاح لم يُرفع عن السياسة بل أصبح وسيلتها الأولى، ما يجعل الانتخابات أقرب إلى سباق قوى مسلحة لا إلى ممارسة ديمقراطية.
هكذا يدخل العراق انتخابات 2025 بين النفوذ الإيراني والضغط الأمريكي، وبين المال السياسي واليأس الشعبي، في مشهد يعكس فشل السلطات في بناء دولة حقيقية، ويهدد بتكريس دورة جديدة من الجمود والفساد وتقاسم الغنائم، بدل أي أمل بالإصلاح أو التغيير.
![]()
