بغداد – تحوّل مجمع دار السلام السكني على طريق مطار المثنى في بغداد من مشروع سكني راقٍ إلى فضيحة عمرانية، بعد خروج عشرات السكان ، في تظاهرة احتجاجية أمام بوابات المجمع، مطالبين الحكومة بالتدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ”الانهيار التدريجي” في المباني والخدمات.
وأوضح الأهالي أنهم استلموا شققهم بعد تأخير دام عامين عن الموعد المتفق عليه عام 2023، فيما برّرت إدارة المشروع التأجيل لاستكمال أعمال الإنهاء، إلا أن المفاجأة كانت في رداءة التنفيذ والمواصفات المتدنية.
وأكد أحد السكان أن الشقق، التي تجاوز سعرها 250 ألف دولار للوحدة، تم تعديلها من دون علم الملاك، إذ أُلغيت تفاصيل إنشائية وتشطيبية مهمة، ما أدى إلى ظهور تشققات في الجدران والأرضيات، وتسرب مياه في الأساسات، وطَفح متكرر لشبكات الصرف الصحي وفق مقاطع فيديو متداولة.
وأضاف السكان أن بعض البنايات تعاني من هبوط أرضي جزئي بسبب ضعف الأساسات، فيما تحولت المساحات الخضراء إلى مواقع بناء عشوائية، محذرين من انهيار وشيك في بعض الأجنحة السكنية إذا لم تُعالج المشكلات فوراً.
وأدت هذه الإشكالات إلى انخفاض حاد في أسعار الوحدات السكنية، حيث أفاد وسطاء عقاريون بأن سعر المتر تراجع بنسبة أكثر من 40% خلال عام واحد، مع توقف شبه كامل لحركة البيع والشراء الجديدة.
كما يشتكي السكان من تردي الخدمات الأساسية، بما في ذلك انقطاع الماء والكهرباء، طفح المجاري، انتشار الكلاب السائبة، وغياب فرق الصيانة والإدارة الدائمة. وأشاروا إلى أن الإدارة تفرض أجور خدمات دون أي مقابل فعلي، وأن أي محاولة لتقديم شكوى قوبلت بالتجاهل أو التهديد بعدم تجديد بطاقات الدخول.
ويحمل الأهالي إدارة المشروع ودوائر الدولة مسؤولية شبهات فساد في عقود التنفيذ وتغييرات في التصاميم دون علم الجهات الرقابية، مشيرين إلى أن المشروع كان من المفترض أن يكون تحت إشراف مباشر من هيئة الاستثمار، لكنه تحوّل إلى نموذج للفوضى الإدارية.
وطالب السكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزارتي العمل والبلديات بفتح تحقيق شامل حول أسباب الانهيار الخدمي والمالي، وإرسال لجان فنية هندسية لفحص الأبنية، محذرين من كارثة إنشائية حقيقية بسبب التصدعات الظاهرة في بعض الجدران.
وتُظهر أزمة دار السلام حجم الخلل في الرقابة على المشاريع الاستثمارية، إذ تكشف عن مأساة أكبر تتعلق بثقة المواطن في قدرة الجهات الرسمية على حماية حقوقهم وضمان جودة تنفيذ المشاريع.
![]()
