الانبار – تشهد مناطق واسعة من قضاء الحبانية شرق محافظة الأنبار انتشاراً مقلقاً لنبتة “الداتورا” السامة، وسط تحذيرات من خبراء البيئة ومخاوف الأهالي من تحولها إلى كارثة صحية جديدة، في ظل غياب واضح للرقابة الحكومية وضعف المتابعة الميدانية من الجهات المعنية.
الأهالي أطلقوا مناشدات متكررة بعد ملاحظتهم انتشار النبتة في البساتين والمزارع وعلى أطراف الطرق، دون أي استجابة سريعة من السلطات المحلية، رغم علمها المسبق بخطورة هذه النبتة التي سبق أن ظهرت في مناطق أخرى مثل قضاء البغدادي والرمادي وحديثة.
مصادر محلية أكدت أن بعض المناطق الزراعية تُركت مهملة منذ أشهر، ما جعلها بيئة خصبة لنمو الداتورا، بينما اكتفت الدوائر الرسمية بردود شكلية وحملات محدودة لم تحقق نتائج ملموسة.
وقال مدير بيئة الأنبار قيس ناجح إن المديرية “تلقت بلاغات من المواطنين وتم التحقق من انتشار النبتة فعلاً”، مضيفاً أن فرق البيئة “باشرت بحملات لجمعها وحرقها”. غير أن ناشطين بيئيين أكدوا أن هذه الحملات جاءت متأخرة ومحدودة النطاق، وأن الإهمال في معالجة المشكلة منذ بدايتها سمح للنبتة بالتوسع في أكثر من قضاء.
الخبير البيئي محمد الكبيسي حذر من خطورة النبتة، قائلاً إنها “من أخطر النباتات السامة وتحتوي على مواد تسبب التسمم العصبي والهلاوس وربما الوفاة”، مشيراً إلى أن “انتشارها في مناطق مهملة يعكس غياب التخطيط الزراعي والرقابة البيئية”.
الكبيسي أوضح أن التعامل السليم مع الداتورا “يتطلب اقتلاعها من الجذور وحرقها في مواقع آمنة بإشراف مختصين”، محذراً من أن “رميها في مكبات النفايات يؤدي إلى انتشار بذورها مجدداً، ما يفاقم الخطر”.
ويرى مراقبون أن ما يجري في الأنبار يكشف قصوراً في أداء المؤسسات المحلية، إذ لم تُفعّل خطط وقائية أو برامج توعية للفلاحين رغم تسجيل حالات مماثلة في السنوات السابقة، مما سمح للنبتة الغازية بالانتشار مجدداً دون رادع.
وتطرح عودة “الداتورا” بهذه السرعة تساؤلات حول أسباب الإهمال الإداري وضعف التنسيق بين الدوائر البيئية والزراعية، خصوصاً في ظل مؤشرات على أن انتشارها قد لا يكون طبيعياً بالكامل، بل ربما يرتبط بنشاط بشري متعمد أو سوء إدارة للمخلفات الزراعية.
ويحذر خبراء من أن استمرار التجاهل الرسمي لهذه الظاهرة قد يحوّلها إلى أزمة بيئية وصحية يصعب السيطرة عليها، خصوصاً مع اتساع رقعة انتشار النبتة في الأنبار، في مشهد يعكس مرة أخرى كيف يتحول الإهمال الإداري إلى خطر مباشر على حياة المواطنين وبيئتهم .
![]()
