بغداد – في خطوة وُصفت بأنها استمرار لنهج التضييق على حرية الرأي، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قرارات تقضي بمنع الظهور الإعلامي للإعلامي أحمد الوشّاح لمدة 60 يوماً، والإعلامية دانيا المالكي لمدة 45 يوماً، بدعوى مخالفة “قواعد البث الإعلامي” والتحريض على العنف والكراهية ومخالفة اللياقة والذوق العام.
وجاءت هذه القرارات، بحسب وثائق رسمية، بعد انتقادات وجهها الوشّاح والمالكي لقانون الأحوال الشخصية الجعفري، ولا سيما الفقرة المتعلقة بنفقات الزوجة وربطها بالتمتع الزوجي، والتي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والاجتماعية باعتبارها تمس كرامة المرأة العراقية وتتناقض مع مبادئ العدالة والمساواة.
الوثيقة الأولى أشارت إلى أن قرار منع الوشّاح صدر استناداً إلى “شكاوى من نواب وجهات رسمية ومواطنين”، بدعوى مخالفته المواد الخاصة بـ”التحريض على العنف والكراهية”، إثر مشاركته في برامج تلفزيونية عبر قنوات النهرين وزاكروس ووطن. واعتبرت الهيئة أن تصريحاته شكّلت “إساءة للأمن القومي العراقي والأجهزة الأمنية”، في حين وصف مراقبون القرار بأنه عقوبة سياسية ضد صوت ناقد لفساد السلطة وقوانينها المثيرة للجدل.
أما الوثيقة الثانية، فقد تضمنت قرار منع الإعلامية دانيا المالكي من الظهور الإعلامي 45 يوماً، بسبب تصريحاتها في برنامج الحياة بين قوسين على قناة الطليعة الفضائية، والتي اعتبرتها الهيئة “مخالفة للآداب العامة” و”مسيئة للمرأة العراقية”. إلا أن متابعين رأوا أن المالكي كانت تعبّر عن رأي مهني وانتقاد قانوني مشروع، ما يجعل قرار المنع محاولة واضحة لإسكات الأصوات النسوية المنتقدة لهيمنة الأحزاب الدينية على التشريعات.
ويرى ناشطون أن هذه القرارات تكشف عن توجه متزايد لتكميم الأفواه وتشويه صورة الإعلاميين الذين يتجرؤون على مناقشة قضايا حساسة، خصوصاً تلك التي تمس نفوذ الأحزاب المتحاصصة وهيمنتها على مؤسسات الدولة، مؤكدين أن ما يحدث ليس سوى ترسيخ لثقافة الخوف وتقييد لحرية التعبير في بلد يفترض أنه يسعى نحو الديمقراطية.
ويؤكد مراقبون أن استخدام تهم “التحريض على الكراهية” و”الإساءة للذوق العام” بات غطاءً قانونياً لقمع الأصوات المعارضة، وأن هذه الممارسات تُعيد إلى الأذهان فترات سابقة من التسلط الإعلامي، حيث تُمنح الشرعية فقط للإعلام الموالي، بينما يُقصى كل من ينتقد السلطة أو يفضح الفساد المستشري داخلها .

![]()
