بغداد – في ظل تراجع واضح في إدارة الدولة لأحد أهم ملفات الأمن الوطني، حذّر الخبير في الشؤون المائية أحمد الساعدي ، من “مساومات خطيرة” تمارسها تركيا تجاه العراق في ملف المياه، وسط صمت رسمي يثير التساؤلات حول غياب موقف حكومي حازم.
وقال الساعدي ، إنّ أنقرة لم تعد تكتفي بتقليص تدفق نهري دجلة والفرات، بل انتقلت إلى مرحلة “التحكم من الداخل”، عبر عروض لإنشاء محطات تحلية وسدود وأنظمة ري داخل الأراضي العراقية، مشيراً إلى أن هذه المشاريع تُستخدم كغطاء لمنح تركيا نفوذاً مباشراً على البنية التحتية المائية للعراق مقابل امتيازات نفطية وتجارية واسعة.
وأضاف أن “هذه السياسة تمثل تهديداً مباشراً للأمن المائي الوطني، وتضع العراق تحت رحمة تفاهمات سياسية غير مستقرة”، لافتاً إلى أن “نسبة تراجع الحصة المائية للعراق تجاوزت 60% خلال السنوات الأخيرة بسبب مشاريع السدود التركية العملاقة مثل (إليسو) و(جيبّان)، وهو ما أدى إلى تصحر آلاف الهكتارات، وتدمير القطاع الزراعي، وارتفاع البطالة والهجرة الداخلية”.
وأوضح الساعدي أن “ربط ملف المياه بالنفط هو ابتزاز واضح ومخالف للقانون الدولي، فالمياه حق إنساني لا يجوز تحويله إلى ورقة مساومة سياسية”، داعياً الحكومة العراقية إلى التخلي عن سياسة الصمت واتخاذ موقف قانوني حاسم يضمن السيادة المائية ويحمي ما تبقّى من الأراضي الزراعية.
وختم الساعدي قائلاً: “ما يجري اليوم ليس أزمة مياه فحسب، بل مشروع لإعادة رسم توازنات المنطقة على حساب العراق، وإذا استمرت السلطات في تبرير العجز والتقاعس، فستتحول السيادة المائية إلى ورقة تفاوض فاقدة القيمة بمرور الوقت”.
ويأتي هذا التحذير في وقت تواصل فيه تركيا تشغيل سدودها العملاقة دون أي التزام باتفاقات ملزمة لتقاسم المياه، فيما تكتفي الحكومة العراقية بالتصريحات المتكررة، تاركة المواطن يواجه الجفاف والتصحر وانهيار الأمن الغذائي وحده.
![]()
