الانبار – مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، تتكشف في الأنبار ملامح صراع انتخابي محتدم بين القوى السياسية، وسط اتهامات متزايدة للحزب الحاكم في المحافظة باستغلال المال العام والسلطة الإدارية لترسيخ نفوذه الانتخابي. فبدلاً من التنافس على البرامج والرؤى، تحولت الحملات إلى سباق نفوذ تُستخدم فيه موارد الدولة وأجهزة الإدارة المحلية لكسب الولاءات وشراء الدعم.
تشير مصادر سياسية من داخل المحافظة إلى أن الحزب الحاكم يعيش حالة من القلق غير المسبوق، في ظل تراجع شعبيته واتساع دائرة المعارضة له. ويؤكد عضو تحالف الأنبار، طارق الدليمي، أن الحزب الحاكم “يخشى من انتكاسة كبيرة في الانتخابات المقبلة”، موضحاً أن “قياداته تحاول تعويض ضعف التأييد الشعبي عبر المؤتمرات الانتخابية الممولة بالمال السياسي والولائم، مع إجبار الموظفين في المؤسسات الحكومية على حضورها لإظهار مشهدٍ جماهيري مصطنع”.
ويضيف الدليمي أن “كل تصريح يطلقه رئيس الحزب أو أحد قادته يؤدي إلى اتساع رقعة المعارضة داخل الأنبار، لأن الخطاب لم يعد يقنع الناس، ولم تعد الوعود تجدي بعد سنوات من الاستحواذ على مقدرات المحافظة”.
وتؤكد تقارير ميدانية أن حزب “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي، الذي تهيمن قوته على المشهد السياسي في الأنبار منذ 2018، يواجه اليوم مأزقاً حقيقياً بعد انكشاف ممارسات تتعلق بتسييس مؤسسات الدولة واستخدام المناصب الحكومية لخدمة حملاته الانتخابية، في ظل تزايد الشكاوى من تدخل موظفين ومسؤولين محليين في الدعاية الانتخابية.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذه الأساليب سيعمّق فقدان الثقة بالعملية الديمقراطية، إذ لم تعد الأنبار ساحة للتنافس البرامجي بقدر ما أصبحت ميداناً لإعادة إنتاج السلطة والنفوذ ذاتهما عبر أدوات المال والضغط والإعلام الموجّه.
في المشهد الحالي، تتجه المحافظة نحو انتخابات مشوبة بالشبهات، فيما تُطرح تساؤلات حول قدرة المفوضية العليا للانتخابات على فرض حياد المؤسسات ومنع تحويل الدولة إلى آلة انتخابية بيد أحزاب السلطة. وبينما تتسارع وتيرة التحضيرات، يبقى المواطن الأنـباري أمام مشهدٍ يكرّس منطق النفوذ على حساب إرادة الناخب، في تكرارٍ مأساوي لدورات انتخابية سبقت، خرج منها الفساد منتصراً على صوت التغيير.
![]()
