بغداد – تتصاعد حدة الصراع السياسي في العراق مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، في وقتٍ باتت فيه رائحة الفساد واستغلال النفوذ تفوح من أروقة السلطة، وسط رفض متزايد لتجديد الولاية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يواجه اتهامات مباشرة باستخدام موارد الدولة لخدمة طموحاته الانتخابية ومصالحه السياسية.
مصادر سياسية أكدت أن السوداني يسعى بشتى الطرق لضمان الولاية الثانية عبر توظيف المال العام والنفوذ الحكومي، في مشهد يعيد للأذهان ما حدث في الانتخابات السابقة من صفقات سياسية واحتجاجات عند بوابة الخضراء انتهت بسيطرة قوى محددة على مفاصل الدولة.
المحلل السياسي إبراهيم السراج أوضح أن “إصرار السوداني على البقاء في السلطة هو الشرارة الأولى لصراع سياسي قادم”، مبيناً أن “الخلاف داخل الإطار التنسيقي بلغ ذروته، حيث ترفض أطراف عدة تجديد الولاية له، مقابل دعم خارجي وغربي وخليجي يسعى لتمديد نفوذه عبر بقاء السوداني في المنصب”.
وأشار السراج إلى أن السوداني قدّم تنازلات خطيرة في سبيل كسب دعم سياسي، من بينها إطلاق سراح متهمين بالإرهاب وإبرام اتفاقات مع أربيل تصب في مصلحته الانتخابية، وليس في مصلحة الدولة أو المواطنين، مما يكشف عن تسييس واضح للملفات الأمنية والاقتصادية.
من جانبه، أكد عضو حركة حقوق إبراهيم علي الجبوري أن “السوداني يحاول سرقة إنجازات الحكومة واحتكارها لصالحه الشخصي”، مضيفاً أن “جميع ما تحقق من نجاحات كان بفضل دعم الإطار التنسيقي، لكنه اليوم يسوّقها في إطار حملته الانتخابية، متجاهلاً الشركاء الذين أوصلوه إلى رئاسة الحكومة”.
وفي ملف الموازنة، كشف عضو اللجنة المالية النيابية فيصل النائلي عن محاولات خطيرة لاستغلال الأموال العامة، قائلاً إن “رئيس الوزراء يستخدم الموازنة كورقة انتخابية من خلال إصدار قرارات مؤقتة دون التزام بالدستور”، مشيراً إلى أن “تأخر إرسال الجداول إلى البرلمان عطّل مشاريع خدمية حيوية في المحافظات، وأدى إلى شلل إداري واضح”.
النائلي أكد أن “غياب الشفافية في إدارة الموازنة دليل على وجود نوايا سياسية فاسدة هدفها استخدام المال العام لشراء الولاءات وكسب الشارع قبيل الانتخابات”، مضيفاً أن “هذا النهج يعكس عجز الحكومة عن الالتزام بالمعايير الدستورية والنزاهة في إدارة موارد الدولة”.
ويرى مراقبون أن المشهد السياسي الحالي يكشف عن صراع محموم على السلطة والمناصب أكثر من كونه تنافساً ديمقراطياً، حيث تحوّلت الدولة إلى غنيمة سياسية تُدار بعقلية انتخابية، في وقتٍ يتزايد فيه غضب الشارع من الفساد، وتنهار الخدمات تحت وطأة سوء الإدارة وتضارب المصالح داخل منظومة الحكم .
![]()
