بغداد – يتابع المجتمع الدولي بقلقٍ متزايد حالة الرفض الشعبي للانتخابات في العراق، وسط مؤشرات متصاعدة على انهيار الثقة العامة بالنظام السياسي، الذي تحوّل في نظر المواطنين إلى أداة بيد الأحزاب المتنفذة بدل أن يكون وسيلة للتغيير والإصلاح.
الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم أكد ، أن اتساع رقعة المقاطعة الشعبية للانتخابات المقبلة لم يعد مجرد موقف احتجاجي، بل أصبح مؤشراً خطيراً على عمق أزمة الشرعية التي تواجهها السلطات العراقية أمام المجتمع الدولي.
وأوضح الحكيم أن “العواصم الغربية والمؤسسات الأممية تنظر بجدية إلى عزوف الناخبين العراقيين، وتعتبره دليلاً على فشل الطبقة الحاكمة في بناء ثقة شعبها، بعد سنوات من الفساد وسوء الإدارة واحتكار القرار السياسي والاقتصادي من قبل قوى محددة”.
وأضاف أن “الانخفاض الكبير في الحماس الشعبي للمشاركة الانتخابية، يعبّر عن يأس المواطنين من التغيير عبر صناديق الاقتراع، بعدما تحولت الانتخابات إلى مسرح مكرر لإعادة تدوير نفس الوجوه، وسط اتهامات متكررة بالتزوير وشراء الذمم وغياب الشفافية”.
وأشار الحكيم إلى أن “المجتمع الدولي بدأ يراجع مواقفه من دعم العملية الانتخابية في العراق، في ظل تصاعد الشكوك حول نزاهة الإجراءات وتدخل القوى المتنفذة في مفاصل المفوضية والأمن والإعلام، وهو ما قد يدفع نحو المطالبة بإصلاحات سياسية جذرية قبل أي استحقاق انتخابي قادم”.
وشدد الباحث على أن “السلطات الحاكمة فقدت آخر ما تبقى من رصيدها الشعبي بسبب تفشي الفساد الإداري والمالي، وتهميش الكفاءات، واستغلال المال العام في الحملات الانتخابية، ما جعل المواطن يشعر بأن صوته لا قيمة له وأن النتائج تُحسم مسبقاً داخل الغرف السياسية المغلقة”.
واختتم الحكيم حديثه بالتأكيد على أن “استعادة ثقة الشارع العراقي لن تتحقق بالشعارات، بل بخطوات فعلية تبدأ من محاسبة الفاسدين، وضمان شفافية الانتخابات، وإشراك الشباب والقوى المستقلة في إدارة الدولة”، محذراً من أن استمرار هذا النهج قد يقود إلى انهيار الثقة الدولية بشرعية النظام السياسي برمته.
ويذكر أن العملية الانتخابية في العراق منذ عام 2003 تواجه اتهامات مزمنة بالتزوير والتلاعب، فيما تتهم منظمات مدنية الحكومة بـ”تدوير الوجوه ذاتها” و”خنق الأصوات المستقلة”، الأمر الذي جعل المقاطعة الشعبية تتحول إلى أداة احتجاج ضد فساد السلطة وتآكل الديمقراطية.
