بغداد – في ظل ضعف الرقابة الرسمية وتقصير السلطات في تطبيق القوانين المنظمة للقطاع السياحي الخاص، تتحوّل بعض المزارع المؤجرة في العراق إلى فضاءات شبه معزولة عن الرقابة العامة، ما يثير مخاوف من استغلالها في أنشطة مخالفة للقانون.
مع توسع ظاهرة المزارع المؤجرة التي أصبحت متنفسًا اجتماعيًا واقتصاديًا للكثير من الشباب، يرى مختصون أن غياب إطار تنظيمي صارم يجعل بعض هذه الفضاءات تتحول إلى “مناطق سوداء”، يصعب على الأجهزة الأمنية مراقبتها أو التدخل فيها إلا بوجود إذن قضائي.
وفي قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، حيث تعتبر تجربة المزارع السياحية ناجحة اقتصادياً، نفى قائممقام القضاء حيدر البلداوي وجود ما يُعرف بـ”المزارع السوداء”، مؤكداً أن جميع المزارع تعمل ضمن إطار قانوني ورقابة السلطات المحلية. وقال إن المزارع السياحية في المنطقة ساهمت في تنشيط السياحة المحلية وتوفير فرص عمل، خصوصًا للأراضي الواقعة على ضفاف نهر دجلة، مشيراً إلى أن الوثائق الإرشادية للقطاع تتضمن ست نقاط رئيسية لضمان الالتزام بالقيم الأخلاقية ومنع أي أنشطة مخالفة للقانون.
رغم التطمينات الرسمية، تشير التقارير الميدانية إلى أن بعض المزارع المؤجرة خارج قضاء بلد، وخصوصًا في أطراف بغداد والمناطق الريفية، تفتقر إلى الرقابة الكافية، ما يتيح أحيانًا ارتكاب مخالفات دون رادع، ويطرح تساؤلات حول مسؤولية الدولة عن حماية الأمن العام وضبط النشاط الخاص.
وسجّل قضاء بلد خلال الفترة الماضية اعتقال 14 شخصًا خالفوا ضوابط عمل المزارع السياحية، بعد مشاجرة داخل إحدى المزارع، ما يُظهر وجود ثغرات في الرقابة التنفيذية على الرغم من وجود لوائح.
ويرى خبراء أن استمرار نشاط المزارع المؤجرة من دون إطار تنظيمي واضح وترخيص رسمي موحّد قد يحوّل الظاهرة إلى بيئة شبه خارجية عن القانون، مؤكدين أن النجاح في بلد يمكن أن يكون نموذجًا لضبط القطاع في محافظات أخرى.
من جانبهم، يؤكد أصحاب المزارع أن الغالبية الساحقة من مشاريعهم عائلية ومشروعة، مطالبين الدولة بدعمها وتطوير آليات الرقابة بدل تركها عرضة للاستخدام غير المشروع، مؤكدين أنها توفر فرص عمل وتنشيطاً اقتصادياً محلياً.
بين التطمينات الرسمية والتقارير الميدانية، تظل المزارع المؤجرة ظاهرة تحتاج إلى قراءة واقعية وصياغة تشريعات متوازنة، تضمن حماية الأمن العام مع الحفاظ على روح النشاط الاقتصادي والسياحي الذي توفره هذه الفضاءات.
![]()
