بابل – في مشهدٍ يجسد فشل الدولة في إدارة أحد أهم ملفاتها السيادية، تشهد محافظة بابل انخفاضًا “خطيرًا” في منسوب مياه نهر الحلة، ما يهدد عمل محطات تصفية المياه ويكشف هشاشة الإجراءات الحكومية أمام أزمة تتكرر كل عام دون حلول حقيقية.
دائرة ماء بابل أعلنت في بيانٍ رسمي أن “الانخفاض الحاد في المياه الخام لشط الحلة بات واضحاً للعيان، إذ كانت مشابك هيكل السحب مغمورة بالمياه في العام الماضي، أما اليوم فقد انخفضت المناسيب إلى حدٍ يهدد استمرار الضخ إلى محطات التصفية”.
وبينما اكتفت الدائرة بدعواتٍ خجولة إلى المواطنين بترشيد الاستهلاك، يرى مراقبون أن الترشيد الحقيقي يجب أن يبدأ من مؤسسات الدولة، التي فشلت في إدارة ملف المياه منذ سنوات، رغم التحذيرات المتكررة من خبراء البيئة والزراعة.
المشهد في بابل ليس جديداً؛ فقبل أشهر، تحوّل مجرى الفرات في قضاء الكفل إلى أرضٍ يابسة يمكن عبورها سيراً على الأقدام، في حين تتفرج السلطات على انهيار المنظومة المائية دون خطة إنقاذ واضحة، مكتفية بإلقاء اللوم على تركيا وسوء الأمطار.
ويؤكد خبراء بيئيون أن ما يحدث ليس أزمة طبيعية بل كارثة إدارية، إذ لم تعتمد الحكومة أي سياسة مائية مستدامة، ولم تُنجز مشاريع الخزن أو محطات التحلية التي وُعد بها المواطن منذ أكثر من عقد. فيما تُهدر المليارات في مشاريع متعثرة لا تصل إلى المواطن ولا تحمي حقه في أبسط مقومات الحياة.
وبحسب تقارير ميدانية، فقد تراجعت مناسيب المياه في السدود والأنهار الفرعية إلى مستويات تهدد الأمن الغذائي وتزيد من موجات الهجرة في القرى الزراعية. ومع ذلك، تستمر الحكومة في إدارة الملف بقرارات مؤقتة ومسكنات إعلامية لا تغيّر من الواقع شيئاً.
المواطنون في بابل اليوم لا يطلبون ترفاً خدمياً، بل يشربون من ماءٍ مهدد بالانقطاع بسبب فساد التخطيط وسوء الإدارة، فيما تتوالى بيانات التحذير الرسمية بلا حلول، لتتحول أزمة المياه إلى عنوانٍ جديد في سجل فشل الدولة في حماية أبسط حقوق مواطنيها.
![]()
