بابل – في خطوة متأخرة تكشف عمق الفساد الإداري وتواطؤ بعض الجهات النافذة، أعلنت وزارة الزراعة ، تشكيل لجنة تحقيقية “عاجلة” بعد تفاقم ظاهرة تجريف أراضي الغابات في محافظة بابل، وهي ظاهرة تفجّرت إعلامياً قبل أن تتحرك الوزارة رسميًا.
وجاء قرار وزير الزراعة عباس جبر المالكي خلال اجتماع هيئة الرأي الحادي عشر، عقب الضجة التي أثارتها معلومات عن قيام مستثمرين ومتجاوزين بتحويل أراضي الغابات إلى مشاريع استثمارية مشبوهة، ما تسبب بتدمير مساحات خضراء تُعد من أهم الثروات البيئية في المحافظة.
بيان الوزارة أشار إلى أن اللجنة ستباشر عملها “فوراً” لرفع تقرير مفصل، مع التأكيد على “اتخاذ إجراءات قانونية رادعة لحماية الثروة الوطنية”، غير أن مراقبين وصفوا هذه الخطوة بأنها “محاولة لامتصاص الغضب الشعبي والإعلامي”، خصوصاً بعد أن استمر التجريف لشهور تحت أنظار المسؤولين دون أي تدخل فعلي.
مصادر محلية في بابل أكدت أن عمليات التجريف تمت بغطاء من بعض العقود الاستثمارية الموقعة مع جهات مرتبطة بشخصيات سياسية، مشيرة إلى أن الهدف الحقيقي من تلك العقود لم يكن التنمية الزراعية كما أُعلن، بل تحويل الأراضي إلى مشاريع سكنية وتجارية تدر أرباحاً طائلة على المتنفذين.
ويحذر ناشطون بيئيون من أن فقدان الغابات سيؤدي إلى تدهور النظام البيئي في بابل وارتفاع معدلات التلوث والجفاف، مؤكدين أن الفساد المتغلغل في المؤسسات الزراعية هو السبب الرئيس وراء استمرار التجاوزات على الأراضي العامة.
ورغم دعوة الوزارة المواطنين إلى “التعاون والإبلاغ عن أي حالات تجاوز”، فإن الشارع يرى أن الدعوات المتكررة لا معنى لها طالما أن كبار المتنفذين محميون من المساءلة، وأن اللجان التحقيقية السابقة لم تنتج سوى تقارير تُطوى في الأدراج دون محاسبة حقيقية.
تجريف الغابات في بابل لم يعد مجرد تجاوز محلي، بل بات مثالاً صارخاً على انهيار منظومة حماية البيئة في العراق، حيث تتحول الأراضي العامة إلى مشاريع خاصة تحت شعار “الاستثمار”، بينما تغيب الرقابة وتغرق المؤسسات بالفساد والإهمال.
![]()
