بغداد – تتسع دائرة الفضيحة حول تورط النائب مصطفى سند في إرسال مرتزقة عراقيين للقتال في صفوف الجيش الروسي، بعد أن جاءت تصريحات السفير الروسي في العراق، ألبروس كوتراشيف، لتكشف جانباً مظلماً من الملف الذي تسبب بمقتل الدكتورة بان زياد طارق، إحدى ضحايا شبكات الاستقطاب غير الشرعي.
السفير الروسي قال في مقابلة مطوّلة إن “آلاف العراقيين مستعدون للانضمام إلى الجيش الروسي إذا فُتح الباب أمامهم”، مؤكداً أن “بعض الحالات الفردية تم تسجيلها فعلاً”، في إشارة إلى انخراط عراقيين في الجبهات الروسية عبر قنوات غير رسمية.
تصريحات كوتراشيف تتقاطع بشكل مباشر مع التقرير الذي نشر في وقت سابق، والذي كشف عن شبكات تعمل بغطاء سياسي وإداري لتجنيد الشباب العراقي وإرسالهم إلى جبهات القتال في روسيا وأوكرانيا منذ عام 2022، مستغلة حاجتهم وفرصهم بالهجرة.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها الوكالة، فإن شبكات التجنيد كانت مرتبطة بشخصيات سياسية من بينها النائب مصطفى سند، الذي اتُّهم بالإشراف على عمليات تنسيق غير رسمية مع وسطاء روس وسوريين مقابل عمولات مالية ضخمة. تلك الشبكات وعدت المتطوعين برواتب تصل إلى 3 آلاف دولار شهرياً وامتيازات معيشية في روسيا، قبل أن تُستخدمهم في جبهات دونتسيك ولوغانسك ضمن وحدات موالية لمجموعة “فاغنر”.
ويقول مصدر أمني مطلع إن “مقتل الدكتورة بان زياد طارق لم يكن حادثاً فردياً، بل نتيجة مباشرة لتشابك المصالح بين تجار الحروب والسياسيين الذين حولوا شباب العراق إلى سلعة في سوق الدم الدولي”، مشيراً إلى أن بعض ملفات التجنيد أُغلقت بتدخلات سياسية “خشية انكشاف أسماء المتورطين الحقيقيين”.
السفير كوتراشيف أوضح أن بلاده “سجّلت حالات محدودة لعراقيين قاتلوا ضمن صفوف الجيش الروسي”، مضيفاً أن السفارة الروسية منحت تأشيرات دخول لذوي اثنين من العراقيين الذين لقوا حتفهم هناك. لكنه أقرّ بأن آلاف الطلبات وصلت إلى السفارة من عراقيين يرغبون بالانضمام إلى القتال، وهي أرقام تكشف عمق ظاهرة التجنيد التي توسعت خارج السيطرة الرسمية.
وتؤكد مصادر أمنية أن التحقيقات التي فتحت في آب/أغسطس 2025 بشأن “تجنيد مرتزقة عراقيين لصالح روسيا” لم تصل إلى نتائج حقيقية بعد ضغوط سياسية مكثفة مورست على الجهات التحقيقية، ما اعتُبر دليلاً إضافياً على تواطؤ أطراف متنفذة في البرلمان والحكومة.
وفي الوقت الذي تنفي فيه موسكو حاجتها لمقاتلين أجانب، تشير تقارير استخبارية إلى أن شبكات “الوساطة” العراقية – السورية ما زالت نشطة، وتعمل عبر وسطاء في بغداد والبصرة والنجف، وتستغل الطلاب والعمال الباحثين عن فرص للهجرة أو العمل في الخارج.
أما مقتل الدكتورة بان زياد طارق فقد أصبح رمزاً لفشل الدولة في حماية مواطنيها من شبكات التجنيد غير الشرعي التي تعمل بغطاء سياسي، إذ كانت ضمن مجموعة كشفت عمليات الاستقطاب، قبل أن تلقى مصرعها في ظروف غامضة رُجحت أنها مرتبطة بمحاولتها فضح تلك الصفقات.
مصادر سياسية حذرت من أن استمرار التغطية على هذا الملف سيحوّل العراق إلى منجم بشري لتجارة المرتزقة الدولية، فيما تطالب منظمات حقوقية بفتح تحقيق دولي حول تورط مسؤولين وبرلمانيين في تهريب المقاتلين مقابل المال .
![]()
