نينوى – تشهد محافظة نينوى انهياراً مقلقاً في البنية النفسية والاجتماعية لسكانها، مع تسجيل ثلاث محاولات انتحار خلال 24 ساعة فقط، في مشهد يعكس فشل السلطات المحلية والحكومية في التصدي للأزمات المتراكمة التي تنهش المجتمع بصمت.
فقد أفاد مصدر أمني يوم السبت بأن امرأة أقدمت على طعن نفسها داخل منزلها في حي الانتصار شرقي الموصل، فيما أقدم رجل في حي الملايين شمال المدينة على الطعن الذاتي بأداة حادة. أما الحالة الثالثة، فكانت في قرية العوسجة جنوب الموصل، حيث أضرم رجل النار في جسده داخل منزله. وتم نقل المصابين إلى المستشفيات في محاولة لإنقاذ حياتهم وسط مشاعر عامة من الصدمة والحزن.
هذه الحوادث المتكررة لم تعد مجرد أرقام أو حالات فردية، بل باتت عنواناً صارخاً لأزمة أكبر تعيشها نينوى، حيث يتصاعد اليأس في ظل غياب أي تدخل فعلي لمعالجة أسباب الانهيار النفسي والاجتماعي. تعاني المدينة من تردي في خدمات الدعم النفسي، وانعدام برامج الإرشاد الأسري، وتجاهل رسمي لمعاناة شرائح واسعة من السكان، ما يجعل من هذه الحالات نتيجة مباشرة لسياسات مهترئة ومقاربات سطحية لا تلامس جذور المعاناة.
رغم فتح التحقيقات، إلا أن الأسئلة الحقيقية تظل بلا إجابة: أين مؤسسات الرعاية الاجتماعية؟ وأين دور الدولة في إنقاذ ما تبقى من نسيج اجتماعي يتفكك كل يوم؟ وسط هذه الأجواء، يتصاعد الغضب الشعبي من تراكم الإهمال والبيروقراطية واللامبالاة، التي تحوّلت إلى بيئة طاردة للحياة الكريمة، ودافعة بالمواطن نحو خيارات قاتلة.
ما يحدث في نينوى ليس طارئاً، بل نتيجة منطقية لفشل متواصل في إدارة منظومة اجتماعية منهكة، تحتاج إلى أكثر من لجان تحقيق وتصريحات إعلامية، بل إلى وقفة وطنية صادقة تعيد للإنسان كرامته، وتعيد لمؤسسات الدولة معناها .
![]()
