بغداد – يتواصل مسلسل الفوضى والفساد الإداري في مؤسسات الدولة العراقية، وهذه المرة عبر تأخير الحكومة في إرسال جداول موازنة 2025 إلى البرلمان، في خطوة تُنذر بأزمة مالية جديدة وتكشف غياب التخطيط وضعف الإدارة في واحدة من أهم الملفات الاقتصادية للدولة.
نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، ياسر الحسيني، حذر من “تداعيات استمرار التأخير الحكومي في إرسال الجداول التفصيلية للموازنة”، مؤكداً أن هذا التعطيل “يهدد الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة، ويضعف قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين والمشاريع الخدمية والاستثمارية”.
وأضاف الحسيني أن “اللجنة حذّرت مراراً من خطورة تكرار الأخطاء نفسها التي وقعت فيها الحكومات السابقة، حيث تحوّل ملف الموازنة إلى أداة مساومات سياسية بدلاً من أن يكون خطة وطنية لإدارة المال العام”. وأشار إلى أن “استمرار التأخير دون مبررات واضحة يكشف ضعف التنسيق بين الوزارات وغياب الشفافية في التعامل مع الملفات المالية الحساسة”.
ويؤكد مراقبون أن هذا التأخير المتعمد ليس سوى انعكاس لنهج المحاصصة والفساد الذي يسيطر على القرار الحكومي، إذ يجري التعامل مع الموازنة وفق المصالح الحزبية وتقاسم الحصص بدلاً من الأولويات الاقتصادية والتنموية، ما يؤدي كل عام إلى تعطيل المشاريع وتراكم الديون واستنزاف الموارد.
ومع اقتراب نهاية السنة المالية الحالية وانتهاء عمر الحكومة والبرلمان، تتصاعد المخاوف من لجوء السلطة التنفيذية إلى تمرير الموازنة في اللحظات الأخيرة، في ظل غياب الرقابة والمساءلة، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام هدر جديد للمال العام وتخصيصات مشبوهة تحت عنوان “عجلة الإنجاز”.
وفي الوقت الذي يطالب فيه الشارع العراقي بالشفافية ومحاسبة المقصرين، تبدو الحكومة غارقة في صراعاتها الداخلية، تاركة الموازنة رهينة لمساومات اللحظة الأخيرة، في مشهد يؤكد أن الفساد الإداري لم يعد خطأً عرضياً بل أصبح منهجاً ثابتاً في إدارة الدولة .
![]()
