الانبار – تتصاعد موجة الغضب في محافظة الأنبار، بعدما تحوّل قرار تعيين مدير جديد لتربية المحافظة إلى أزمة سياسية تكشف عمق الفساد والمحاصصة التي تنخر مؤسسات الدولة التعليمية.
فقد خرج العشرات من المعلمين والكوادر التربوية في مدينة الرمادي بتظاهرات حاشدة، احتجاجاً على تعيين أيمن عباس مديراً لتربية الأنبار بدلاً من نافع حسين، معتبرين أن القرار جاء بضغط سياسي بعيداً عن معايير الكفاءة والخبرة.
المتظاهرون رفعوا لافتات تندد بما وصفوه بـ”التعيينات الحزبية التي دمرت التعليم”، مؤكدين أن مدارس الأنبار لا تحتاج إلى ولاءات سياسية بل إلى إدارات مهنية قادرة على إصلاح القطاع الذي تضرر بفعل التدخلات الحزبية المستمرة.
لكن المفارقة كانت في مشاركة وجوه سياسية في التظاهرات نفسها، بينهم عضو حزب “تقدم” هيبت الحلبوسي ورئيس هيئة استثمار الأنبار بشار العامج، إضافة إلى المحافظ محمد نوري، في مشهد يعكس استغلال الحراك الشعبي لتصفية الحسابات بين الكتل المتصارعة على المناصب.
مصادر محلية تحدثت عن أن التغيير الأخير في إدارة التربية جاء في إطار “صفقة سياسية” بين تحالفي عزم وتقدم، حيث أُقيل المدير السابق المحسوب على الحلبوسي ليحل محله مدير جديد مقرب من مثنى السامرائي، ما عمّق الانقسام داخل الوسط التربوي وأثار سخط الشارع.
وبحسب وثيقة مسرّبة، فإن وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري، وهو نفسه محسوب على تيار سياسي مؤثر، كلّف مرشحاً آخر من تحالف “عزم” وهو مشتاق طالب – شرطي سابق – بمنصب معاون مدير تربية الأنبار، في خطوة اعتبرها المعلمون “إهانة للعملية التعليمية وتجاوزاً على الكفاءات”.
ورغم إعلان شرطة الأنبار فرض طوق أمني حول مبنى المديرية بذريعة حماية الممتلكات العامة، يرى مراقبون أن هذا الانتشار الأمني هدفه احتواء غضب الشارع ومنع اتساع رقعة التظاهرات التي بدأت تأخذ منحى سياسياً واضحاً.
إن ما يجري في الأنبار، بحسب متابعين، ليس مجرد صراع على منصب إداري، بل انعكاس لمنظومة فساد متجذرة حولت التعليم إلى ساحة نفوذ حزبي، تُدار بالتعيينات السياسية لا بالمؤهلات العلمية، في وقت بات فيه المواطن يدفع ثمن هذا الفساد على حساب مستقبل أبنائه.
![]()
