بغداد – في تطور جديد يكشف عمق الفساد والتلاعب داخل مؤسسات الدولة العراقية، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري ، أنها تعرضت لعمليات ابتزاز وضغوط سياسية مرتبطة بمشروع “الهاتف الوطني”، مؤكدة أن جهات نافذة في السلطة تقف وراء تعطيل المشروع الذي كان من المقرر أن يطلق أولى خدماته الشهر المقبل.
وخلال مؤتمر صحفي، قالت الياسري إن “قرار القضاء أوقف مشروع الهاتف الوطني استناداً إلى كتاب من أحد النواب تضمّن تزييفاً للحقائق ومعلومات مغلوطة، رغم أن جميع إجراءات الوزارة تمت بموجب قرارات رسمية صادرة من مجلس الوزراء”.
وأضافت أن المشروع، الذي تم التوقيع عليه بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يهدف إلى تأسيس شركة وطنية للهاتف النقال تعمل بأموال وأيدي عراقية، لافتة إلى أن “كل الخطوات تمت وفق الأصول القانونية وبتوجيهات رسمية، لكن جهات مؤثرة ضغطت لإفشاله حمايةً لمصالح شركات الهاتف الحالية”.
وأشارت الياسري إلى أن “هناك أطرافاً داخل الدولة تسعى لإبقاء الاحتكار بيد شركات محددة وعدم السماح بقيام منافس وطني جديد”، متسائلة:
“من المستفيد الأول والأخير من تعطيل مشروع وطني يفتح فرص عمل لآلاف العراقيين ويعزز إيرادات الدولة؟”
وأكدت الوزيرة أن إيرادات شركتي آسياسيل وزين العراق في عام 2024 تجاوزت 2 تريليون دينار و1.5 مليار دولار على التوالي، مشيرة إلى أن غياب المنافسة سمح لهذه الشركات بتحقيق أرباح خيالية دون أي التزام فعلي تجاه تطوير الخدمة.
وكشفت الياسري أنها تعرضت شخصياً لمحاولات ابتزاز مقابل منح عقود داخل الوزارة، وقالت:
“رفضت الرضوخ للابتزاز أو تمرير الصفقات المشبوهة، فتم استهدافي سياسياً وإعلامياً وآخرها بمحاولة إفشال مشروع الوطنية للهاتف النقال.”
وأضافت أن الوزارة كانت قد أنهت كافة الاستعدادات لإطلاق الشبكة الوطنية العراقية للاتصالات في تشرين الثاني 2025، لكن قرار القضاء – الذي وصفته بأنه “استند إلى وشاية سياسية” – تسبب في هدر مليارات الدنانير وتعطيل فرص عمل لآلاف الشباب.
وختمت بالقول إن “الاتصالات يجب أن تكون النفط الثاني للعراق من حيث الإيرادات”، مؤكدة أن عرقلة المشاريع الوطنية أصبحت وسيلة بيد الفاسدين لإبقاء البلاد رهينة للاحتكار والمصالح الشخصية.
ويُذكر أن مجلس الوزراء كان قد وافق في آذار 2025 على تأسيس شركة “الوطنية للهاتف النقال” بالشراكة مع شركة فودافون العالمية وهيئة التقاعد الوطنية والمصرف العراقي للتجارة، لتشغيل خدمات الجيل الخامس في العراق — قبل أن تُوقف الخطوة المفصلية بقرار مثير للجدل يعكس صراع النفوذ داخل مؤسسات الدولة.
![]()
