واسط – رغم الفاجعة المروعة التي هزت الكوت، حين التهمت النيران مركزًا تجاريًا جديدًا وقضت على أرواح أكثر من 61 مواطنًا خلال دقائق، تداول ناشطون مقطعًا صادمًا يُظهر محافظ واسط محمد جميل المياحي، وهو يتابع الكارثة “وكأنه يشاهد فيلمًا سينمائيًا”، دون أن يُبدي أي تفاعل إنساني أو مسؤولية تُذكر.
الفيديو الذي أثار موجة غضب عارمة على مواقع التواصل، أظهر المياحي جالسًا أمام شاشة تعرض مشاهد الحريق الهائل، بينما تعلو أصوات الاستغاثة وتشتعل ألسنة اللهب، ليبدو المحافظ وكأنه خارج الحدث تمامًا، في مشهد يُجسّد قمة اللامبالاة التي لطالما رافقت المسؤولين في وجه الكوارث.
الفاجعة التي وقعت في بناية تجارية حديثة مكوّنة من خمسة طوابق لم يُكمل افتتاحها سوى أسبوع، كشفت عن طبقات من الإهمال والتواطؤ الإداري، دفعت الحكومة لاحقًا إلى توقيف 17 مسؤولًا محليًا وسحب أيديهم من الخدمة، بينهم مدير بلدية الكوت، ومدير الصحة والسلامة، وعدد من المسؤولين عن التجاوزات والرقابة الصحية.
وفي تطور لافت، أعلنت وزارة الداخلية كذلك إيداع مديري الأمن السياحي والدفاع المدني التوقيف، إلى جانب ضباط آخرين، بعد ثبوت مسؤوليتهم المباشرة في تدهور الوضع أثناء الحريق.
اللجنة التحقيقية العليا، التي شُكّلت بأمر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أقرت بوجود “تقصير فاضح” من جهات متعددة ساهمت في تعاظم الخسائر البشرية، وفقًا لرئيس دائرة العلاقات والإعلام في الوزارة العميد مقداد ميري.
لكن الشارع العراقي، الغاضب بطبعه، لم يقتنع بهذه التحركات المتأخرة، واعتبرها محاولة لامتصاص النقمة الشعبية، دون المساس برأس الفشل الحقيقي: المحافظ ذاته، الذي لم يُحاسب حتى اللحظة رغم ظهوره في مقطع يوثّق صمته القاتل أمام أكبر كارثة مدنية شهدتها واسط منذ سنوات.
أهالي الضحايا طالبوا بإقالة المحافظ فورًا، واعتباره أحد أبرز المتورطين بالإهمال الإداري، مؤكدين أن مجرد ظهوره “المخجل” خلال الحريق كافٍ لسحب الثقة منه ومحاسبته بتهم التستر والتقصير العمد.
فهل ستتوقف لجان التحقيق عند صغار الموظفين، أم أن التحقيق هذه المرة سيصعد إلى حيث يجب أن تبدأ المحاسبة الحقيقية؟ الشعب ينتظر… والعدالة لا تُؤجَّل .
![]()
