بغداد – في وقتٍ يتصاعد فيه القلق بين المربين والمواطنين، أعلن المستشفى البيطري التعليمي في كركوك، الثلاثاء، رفع حالة الاستنفار بعد تسجيل أول إصابة مؤكدة بمرض إنفلونزا الطيور في محافظة نينوى، وسط تساؤلات حادة عن غياب الجاهزية المسبقة، رغم التحذيرات المتكررة من انتشار الأوبئة الحيوانية.
مصادر من داخل المستشفى البيطري أكدت أن “الكوادر البيطرية بدأت حملات متأخرة بعد تفشي المرض فعلياً في نينوى، وأن الإجراءات الوقائية التي تتحدث عنها الجهات الرسمية لم تُفَعّل إلا بعد وقوع الكارثة”، مضيفة أن “الرقابة البيطرية على حقول التربية وأسواق الطيور كانت شبه غائبة طيلة الأشهر الماضية”.
وأكدت المصادر أن “الفرق البيطرية بدأت الآن، وبعد فوات الأوان، بأخذ نماذج للفحص من الحقول، في وقتٍ تتحمل فيه وزارة الزراعة والبيطرة العامة مسؤولية مباشرة عن ضعف الرقابة وعدم تطبيق خطط الطوارئ الوقائية التي وُضعت منذ سنوات على الورق فقط”.
وبحسب مراقبين، فإن إجراءات الحكومة “لم ترتقِ إلى مستوى الخطر”، إذ تم تجاهل تحذيرات مبكرة من انتشار الفيروس بين الطيور المهاجرة، دون أي خطط ميدانية جادة أو تنسيق فعلي بين وزارات الزراعة والبيئة والصحة.
من جهته، أوضح الباحث في الطب البيطري الدكتور عبد الله حسن أن “الاستجابة الحكومية دائماً تأتي بعد تسجيل الإصابات، لا قبلها، وهذا ما يجعل العراق بيئة خصبة لعودة الأوبئة الموسمية”، مشيراً إلى أن “انعدام الرقابة على تنقل الطيور ومنتجات الدواجن بين المحافظات فتح الباب أمام انتشار الفيروس بسرعة”.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الجهات الرسمية أن لا إصابات بشرية حتى الآن، وصف مختصون هذا الطرح بأنه “محاولة لتهدئة الرأي العام”، متسائلين: أين كانت الجهات الرقابية حين نُفِق أكثر من 20 ألف دجاجة في بعشيقة خلال يوم واحد؟ ولماذا لم تُعلن حالة الطوارئ قبل وصول الفيروس إلى كركوك؟
مصادر محلية في نينوى كشفت لوكالة شفق نيوز عن “نفوق آلاف الطيور في حقول غير خاضعة للرقابة الرسمية، وسط تقاعس إداري واضح وتأخر في عمليات الطمر الصحي”، فيما أشار مدير ناحية بعشيقة، غزوان الداؤودي، إلى أن “اللجنة الحكومية تحركت بعد تسجيل الخسائر لا قبلها”.
ويرى مختصون أن أزمة إنفلونزا الطيور الحالية ليست مجرد خلل صحي، بل نتيجة مباشرة لفساد إداري متجذر في مؤسسات الزراعة والبيطرة، حيث تُنفق مليارات dinars سنوياً على “خطط استجابة” تبقى حبيسة الأدراج، بينما يُترك المربّون وحدهم في مواجهة الخسائر
![]()
