في محاولة جديدة للتقليل من حجم الكارثة وتبديد الشكوك المتصاعدة، خرج رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة واسط، حبيب البدري، مساء الجمعة، بتصريحات تنفي ما تردد عن هروب عمال سوريين ومسؤولين محليين عقب فاجعة حريق “هايبر ماركت” في مدينة الكوت، وهي التصريحات التي أثارت تساؤلات حول جدية التحقيقات وشفافية التعامل مع الحادثة.
وقال البدري، إن “حادثة هروب العمال السوريين من موقع الحريق غير صحيحة”، موضحاً أن “عدد العمال السوريين في المول كان ستة، أحدهم توفي داخل المبنى متأثراً بالحريق، بينما اعتُقل الخمسة الآخرون مع عدد من العمال العراقيين على ذمة التحقيق”.
وفيما يتعلق بما تم تداوله عن هروب ثلاثة مسؤولين محليين من المحافظة بعد الحريق، نفى البدري وجود أي معلومات تؤكد ذلك، قائلاً: “لا صحة لاعتقال مسؤولين حاولوا الفرار خارج العراق بعد الحادثة”.
لكن هذه التصريحات لم تُقنع الشارع الغاضب، خاصة مع تصاعد الأصوات التي تتهم السلطات المحلية بالتستر على المتورطين الحقيقيين، وتدوير المسؤولية على موظفين ثانويين، في وقت تتجاهل فيه الحكومة الفساد الإداري العميق وسوء الإدارة في منح تراخيص البناء وتشغيل المشاريع دون الالتزام بشروط السلامة.
وكانت مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، قد شهدت يوم الأربعاء الماضي واحدة من أسوأ الكوارث المدنية خلال الأعوام الأخيرة، إثر اندلاع حريق مروّع داخل مركز تجاري ضخم، أودى بحياة نحو 70 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، وفق ما أفادت به مديرية الدفاع المدني.
الحكومة المحلية سارعت إلى إعلان الحداد لثلاثة أيام، بينما تصاعد الغضب الشعبي المطالب بكشف الأسباب الحقيقية للحريق، ومحاسبة كبار المسؤولين الذين سمحوا بإقامة مشروع بهذا الحجم دون رقابة، ما أعاد إلى الواجهة الحديث عن تواطؤ إداري وسلسلة من التجاوزات المقننة داخل أجهزة الدولة، في ظل غياب المساءلة الحقيقية.
ويرى مراقبون أن فاجعة “هايبر ماركت” ليست حادثة عرضية، بل نتيجة مباشرة لفشل المنظومة الإدارية وتغوّل الفساد في مفاصل الدولة، وسط مخاوف من طي الملف في أروقة اللجان، كما حدث في كوارث سابقة .
![]()
