متابعات – كشف النائب رائد المالكي، اليوم الأربعاء، أن وزير الموارد المائية عون ذياب عبدالله امتنع عن التصريح بحجم الخزين المائي في سد الموصل، رغم كونه السد الأضخم والأكثر أهمية في البلاد، ما أثار موجة استياء وتساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التكتم الرسمي.
وأكد المالكي في منشور على “فيسبوك” أن الوضع المائي في العراق بات حرجًا إلى حدّ الخطر، مشيرًا إلى أن العام الحالي يُعد “الأشد في تاريخ البلاد من حيث تراجع الواردات المائية ومستوى الخزين الداخلي”.
وأوضح المالكي أن نتائج زيارة الوفد العراقي إلى أنقرة برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين جاءت مخيبة للآمال، إذ لم يحصل العراق على أي التزام تركي بتحسين الإطلاقات المائية، بل تم خفضها بشكل إضافي، ما فاقم الأزمة بشكل غير مسبوق.
وبحسب النائب، فقد انخفضت واردات سد الموصل من تركيا إلى 130 م³ في حين تبلغ الحاجة الدنيا للعراق نحو 350 م³، أي أن العجز المائي تجاوز 170 م³، يتم تعويضها حاليًا عبر استنزاف خزين السد. كما كشف أن الإطلاقات الحالية نحو بغداد والمحافظات لا تتجاوز 210 م³، وهي أقل من الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات الزراعة ومياه الشرب.
ورغم خطورة هذه الأرقام، قال المالكي إن الوزير امتنع عن الإفصاح عن حجم الخزين الحقيقي في سد الموصل، مكتفيًا بعبارة “الرقم صادم”، في إشارة إلى تدهور غير مسبوق في مستوى المياه.
وأشار النائب كذلك إلى أن واردات نهر الفرات تراجعت إلى 178 م³ فقط مقابل حاجة فعلية تبلغ 300 م³، ما اضطر السلطات إلى ضخ 100 م³ إضافية من بحيرة الثرثار، وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في منسوبها أيضًا.
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة، كشف الوزير أن وزارته لم تتسلم سوى 33% من مخصصاتها المالية، معظمها رواتب ونفقات تشغيلية، وهو ما يوضح سوء التخطيط الحكومي وغياب الأولويات في مواجهة أزمة وطنية تهدد الأمن الغذائي والمائي للعراق.
ورغم هذه المؤشرات الخطيرة، اكتفت الحكومة بتوجيهات شكلية من رئيس الوزراء إلى وزارة المالية بـ“إطلاق الصرف لوزارة الموارد المائية”، دون إجراءات واضحة لمعالجة أصل المشكلة أو لضمان الشفافية في إدارة السدود والموارد.
ويأتي هذا التلكؤ الإداري في وقت تشير فيه تقارير رسمية إلى أن العام 2025 قد يكون الأكثر جفافًا منذ عام 1933، في ظل تراجع الإطلاقات من تركيا وإيران، وبسبب التغير المناخي وسوء الإدارة الداخلية.
وتحذر الأمم المتحدة والبنك الدولي من أن العراق يُعد من أكثر خمس دول في العالم تأثرًا بالتغير المناخي، فيما أكدت تقارير دولية أن البلاد فقدت نحو 30% من أراضيها الزراعية خلال العقود الثلاثة الماضية.
ويرى مراقبون أن امتناع وزير الموارد عن كشف الحقائق للرأي العام يضع علامات استفهام خطيرة حول الأداء الحكومي، معتبرين أن الشفافية غائبة والمساءلة معدومة في ملف يعد من أكثر الملفات حساسية لسيادة العراق وأمنه القومي.
ويرى خبراء أن تأجيل الاعتراف بحجم الكارثة المائية لن يوقف الانهيار القادم، بل يؤجله فقط، مطالبين بضرورة فتح تحقيق برلماني شفاف حول أسباب تدهور الخزين المائي في سد الموصل وسدود البلاد كافة، ومحاسبة كل من تسبب في التكتم على المعلومات وتضليل المواطنين.
![]()
