بعداد – تتزايد المؤشرات على تورط جهات مسلحة ودوائر رسمية في استخدام أدوات تقنية واستخباراتية لاختراق خصوصية المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي، في وقت تلتزم فيه السلطات صمتاً مريباً حيال واحدة من أخطر مظاهر الفساد والانتهاك الرقمي في البلاد.
مصادر صحفية استقصائية، من بينها الصحفي عثمان المختار، كشفت أن جهات نافذة تمتلك قدرات سيبرانية متطورة تمكّنها من تتبع الناشطين والمعارضين، مستخدمةً صلاحيات رسمية مزيفة أو أوامر قضائية مشكوكاً في صحتها للحصول على بيانات المستخدمين من شركات كبرى مثل “ميتا” و”إكس”.
وتشير التحقيقات إلى أن عمليات المراقبة لا تقتصر على وسائل غير قانونية فحسب، بل تُمارس أحياناً عبر قنوات مؤسساتية رسمية، من خلال وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات وبعض مزوّدي خدمة الإنترنت المحليين، الذين يُتهمون بالتواطؤ مع جهات سياسية ومسلحة.
ويكشف المختار أن هذه الأطراف لجأت إلى أساليب تجسس رقمية متطورة، مثل تحليل بيانات الصور والفيديوهات (EXIF/GPS) واستخدام روابط مصممة خصيصاً لتحديد مواقع المستخدمين بدقة، فضلاً عن نشر روابط وهمية وبرامج خبيثة تُستخدم لجمع المعلومات الشخصية دون أي رادع قانوني.
وتؤكد تقارير ميدانية أن عدداً من الناشطين تعرّضوا لـ”اختفاء رقمي قسري”، بعد إجبارهم على إغلاق حساباتهم أو نشر “اعتذارات” قسرية، في إطار حملة منظمة لإسكات الأصوات المعارضة قبل الانتخابات المقبلة.
الأخطر، بحسب مراقبين، أن هذه الممارسات تتم بعلم جهات حكومية تمتنع عن التحقيق أو المحاسبة، ما يكشف عن تواطؤ مؤسسات الدولة في تحويل الفضاء الرقمي إلى أداة قمع جديدة.
ويحذر خبراء من أن هذا التسلط الإلكتروني يهدد حرية التعبير ويقوض الثقة في الدولة ومؤسساتها الرقابية، خاصة مع غياب أي تشريعات تحمي المستخدمين من إساءة استخدام صلاحيات الوصول إلى البيانات.
ويرى مراقبون أن الفساد الإداري وضعف المساءلة القانونية مكّنا بعض الأطراف من تحويل تقنيات الدولة الأمنية إلى أدوات سياسية لقمع المعارضين ومراقبة الصحفيين، في انتهاك صارخ للدستور العراقي ومواثيق حقوق الإنسان.
ويؤكد المختار أن الخطر لم يعد تقنياً فحسب، بل سياسياً ومؤسسياً بامتياز، إذ باتت منصات التواصل في العراق تحت سلطة الخوف بدل حرية التعبير، وسط صمت حكومي يرقى إلى مستوى التستر على الفساد والانتهاك الممنهج للخصوصية
![]()
