بغداد – في فضيحة تكشف عمق الفساد وسوء الإدارة في مؤسسات الحكم العراقية، كشف الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي أن الحكومات المتعاقبة أضاعت فرصة ذهبية لحل أزمة المياه مع تركيا قبل أكثر من 15 عاماً بتكلفة زهيدة، لتعود اليوم وتوقّع اتفاقية مهينة وباهظة الثمن تُفقد العراق سيادته على مياهه.
الهاشمي أوضح أن اتفاقاً مبدئياً تمّ عامي 2009 و2010 بين بغداد وأنقرة كان يمكن أن يضمن تدفقات مائية ثابتة للعراق مقابل شراكة اقتصادية عادلة، تُتيح فرص عمل ضخمة، وتطوير الزراعة، وزيادة الإنتاج المحلي، لكنّ رئيس الحكومة آنذاك رفض الاتفاق بنظرة سياسية ضيقة خشية أن يُسجّل الإنجاز لخصومه الانتخابيين!
النتيجة: ضاعت الفرصة، وضاع معها الأمن المائي للعراق.
واليوم، وبعد مرور أكثر من 15 عاماً، وقّعت الحكومة الحالية اتفاقية جديدة تسلم فيها مفاتيح إدارة المياه والسدود لتركيا لمدة خمس سنوات، مقابل تنازلات تشمل التجارة والنفط والديون، في مشهد يعكس تبعية مهينة وغياب تام للرؤية الوطنية.
الهاشمي وصف القصة بأنها نموذج صارخ لكيفية تحويل المصالح الشخصية والصراعات الحزبية إلى قرارات كارثية، قائلاً:
“قصة المياه في العراق هي قصة بلدٍ ضيّع قراراته بيد سياسيين قصيري النظر، فباعوا ماءه كما باعوا أرضه وثرواته.”
العراق لا يعاني من شحّ المياه… بل من شحّ الضمير في من يحكمونه.
![]()
