بغداد – كشف مرصد العراق الأخضر عن تدهور خطير في الواقع البيئي والزراعي، مؤكداً أن نحو 60% من أراضي البلاد خرجت عن الخدمة بسبب الجفاف والتصحر، في ظل غياب واضح لأي خطة حكومية حقيقية لمعالجة الكارثة.
وقال عضو المرصد عمر عبد اللطيف، إن “الأراضي المتأثرة بالجفاف والصحراوية والصخرية بلغت 60% من مجموع أراضي العراق”، محذراً من أن النسبة قد ترتفع إلى 70% العام المقبل إذا استمر الإهمال الحكومي وغياب الحلول الميدانية. وأضاف أن المعالجات لا تتعدى التصريحات الإعلامية واللجان الورقية، فيما الواقع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وبحسب آخر إحصائيات وزارة التخطيط، فقد بلغ التصحر في العراق مستوى 60%، وهو رقم صادم في بلدٍ كان يُعرف تاريخياً بـ”أرض الرافدين”. إلا أن الفساد الإداري، وغياب التخطيط، واستمرار الصراعات السياسية جعلت من هذه الأرض الخصبة ساحة قاحلة تتآكل عاماً بعد عام.
تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي صنّفت العراق بين أكثر خمس دول في العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، لكن استجابة الحكومة بقيت شكلية. فبدلاً من تبني نموذج تنموي أخضر، استمرت المشاريع الملوِّثة للبيئة، وتُركت الأراضي الزراعية تواجه مصيرها دون دعم أو تعويض للفلاحين.
وفي عام 2025، أكد المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان أن العراق فقد 30% من أراضيه الزراعية المنتجة خلال العقود الثلاثة الماضية، نتيجة التغير المناخي وسوء الإدارة الحكومية، محذراً من تهديد مباشر للأمن الغذائي.
أما أزمة المياه فقد بلغت ذروتها خلال السنوات الأربع الأخيرة، مع انخفاض غير مسبوق في منسوب دجلة والفرات، دون أن تُقدِم الحكومة على تحركات جدية لحماية حصص العراق المائية أو بناء سدود استراتيجية. فالهيئة العامة للسدود والخزانات أقرت بأن “الخزين المائي متواضع”، مكتفية بتصريحات مطمئنة حول مياه الشرب، بينما القطاع الزراعي يختنق بالعطش.
تقرير سابق أشار إلى تقلّص المساحات الخضراء من 50% إلى 17% فقط بسبب الإهمال الحكومي والتوسع العمراني العشوائي على حساب الأراضي الزراعية، فيما تُحوَّل البساتين إلى مجمعات سكنية بقرارات بلدية فاسدة، وسط صمت الجهات الرقابية.
وزارة الزراعة نفسها اعترفت بأن العراق يحتاج إلى زراعة 15 مليار شجرة لاستعادة غطائه النباتي، لكن لم يُزرع منها سوى القليل، إذ تُخصص الأموال للمشاريع الورقية والمؤتمرات، بينما تبقى البيئة بلا حماية.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لم يتبقَّ من غابات العراق سوى 8250 كيلومتراً مربعاً فقط، أي ما يعادل 2% من مساحة البلاد، في وقت يفقد فيه العراق 100 ألف دونم سنوياً بسبب التصحر، فيما يستمر التراخي الحكومي في مواجهة واحدة من أخطر الكوارث البيئية في تاريخه الحديث.
![]()
