بغداد – في وقتٍ تنفي فيه الحكومة العراقية رسمياً وجود قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني في بغداد، تتصاعد التساؤلات حول حقيقة الدور الإيراني داخل مؤسسات الدولة وضعف الموقف الرسمي أمام نفوذ طهران المتنامي، فيما تحولت التصريحات المتناقضة إلى دليلٍ جديد على انقسام القرار السياسي وغياب الشفافية.
عضو الإطار التنسيقي، عدي عبد الهادي، دافع عن العلاقات العراقية–الإيرانية قائلاً إن “البلدين يرتبطان بعلاقات استراتيجية ومصالح متبادلة”، مؤكداً أن “حضور قاآني إلى بغداد لا يخضع لأي خطوط حمراء”.
لكن هذا التصريح، بحسب مراقبين، يعكس حجم الخضوع السياسي لإيران داخل منظومة الحكم العراقية، التي باتت تتعامل مع قادة فيلق القدس كـ”ضيوف دائمين” لا كمسؤولين أجانب يتدخلون في ملفات الأمن والسيادة.
في المقابل، كشفت مصادر مطلعة عن وجود فيتو أمريكي – إسرائيلي غير معلن على تواجد قاآني داخل العراق، بوصفه هدفاً استخبارياً رفيعاً، مشيرةً إلى أن الحكومة العراقية تتجنب إصدار أي موقف واضح خشية إغضاب طهران أو واشنطن في آن واحد.
وتؤكد تلك المصادر أن الحديث المتكرر عن زيارات قاآني يُستغل كأداة تعبئة سياسية وإعلامية من قبل أحزاب وفصائل موالية لإيران، في محاولة للتأثير على الشارع مع اقتراب الانتخابات، بينما تكتفي الحكومة بدور المتفرج وسط غياب كامل للرقابة والمحاسبة.
ويرى مراقبون أن هذا التناقض بين الخطاب الرسمي والمعلومات الأمنية يفضح عجز السلطات عن فرض سيادتها الحقيقية، ويكشف حجم التغلغل الخارجي في القرارات الوطنية، في وقت تعاني فيه البلاد من تدهور أمني واقتصادي وانقسام سياسي حاد.
ويحذر محللون من أن استمرار الصمت الرسمي أمام هذه التحركات يجعل العراق ساحة مفتوحة للصراع الإيراني – الأمريكي، ويحول ملف قاآني إلى رمز لفشل الدولة في حماية سيادتها وإدارة علاقاتها الخارجية بشفافية واستقلالية.
وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن الحكومة العراقية تغضّ الطرف عن الحقائق وتكتفي ببيانات التبرير، فيما تتآكل الثقة الشعبية أكثر فأكثر أمام سلطات تضع المصالح الحزبية والإقليمية فوق هيبة الدولة.
![]()
