بغداد – في مشهد يعكس ازدواجية الخطاب الرسمي وتناقضاته، أصدرت مديرية حقوق الإنسان في وزارة الداخلية العراقية تحذيراً من استغلال معاناة الأطفال لأغراض إعلامية ودعائية، بينما تتجاهل الوزارة نفسها الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الأطفال في الشوارع ومراكز الاحتجاز والمخيمات دون أي محاسبة حقيقية.
المديرية، التي يفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن الطفولة، اكتفت ببيان وصفي أدانت فيه “قيام بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور أو مقاطع فيديو لأطفال ضحايا في أوضاع إنسانية مؤلمة”، واعتبرت ذلك “انتهاكاً لكرامة الطفولة”. غير أن البيان تجاهل تماماً أسباب هذه المعاناة والجهات المقصّرة التي سمحت بوصول الأطفال إلى هذه الظروف المأساوية أصلاً.
وبينما تلوّح المديرية باتخاذ “إجراءات قانونية” ضد ناشري المقاطع، لم تتحدث عن أي خطوات ملموسة لحماية الأطفال من التسول، والعنف الأسري، والاستغلال في الشوارع، وهي مشكلات يعرفها العراقيون جيداً وتحدث في وضح النهار أمام مؤسسات الدولة نفسها.
المفارقة أن البيان حاول تلميع صورة وزارة الداخلية بالإشارة إلى “الجهود الإنسانية والقانونية التي تبذلها”، في وقتٍ تتصاعد فيه الشكاوى من تقصير الأجهزة المعنية في إنقاذ الأطفال من دوامة الفقر والعنف، بل وتورط بعض المنتسبين في انتهاكات موثقة.
ويرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن التحذيرات المتكررة التي تصدرها الجهات الحكومية تحوّلت إلى غطاء للفساد والتقاعس الإداري، إذ تُستخدم لغة الدفاع عن “الكرامة الإنسانية” كواجهة إعلامية لتجميل صورة السلطات بدلاً من معالجة أصل المشكلة المتمثل في غياب سياسات حقيقية لحماية الطفولة في العراق.
![]()
