بغداد – يشهد العراق أزمة مائية حادة تتفاقم عامًا بعد عام نتيجة السياسات المتخاذلة تجاه إدارة الموارد المائية، إلى جانب انخفاض الإطلاقات من نهري دجلة والفرات من دول المنبع والتغيرات المناخية. وتقارير وزارة الموارد المائية تكشف أن الإطلاقات التركية تقل حاليًا عن 35% من المعدلات الطبيعية، ما تسبب بتراجع مناسيب الأنهر وتدهور الزراعة في المحافظات الجنوبية. ويشير البنك الدولي إلى أن الجفاف والتصحر يكلفان الاقتصاد العراقي أكثر من 6 مليارات دولار سنويًا، فيما تحذر الأمم المتحدة من أن العراق بات ضمن أكثر عشر دول عرضة لخطر العطش بحلول 2030 في حال استمرار غياب الحلول الجذرية.
ورغم خطورة الوضع، تُظهر الوقائع السياسية إخفاقات السلطات العراقية في اتخاذ خطوات فعالة. لجنة الزراعة والمياه النيابية أكدت أن البلاد تواجه وضعًا مائيًا حرجًا، خاصة مع انخفاض خزين سد الموصل إلى مليار متر مكعب فقط، مقارنة بسعة السد التي تتراوح بين 10 و13 مليار متر مكعب.
وقال عضو اللجنة، النائب ثائر الجبوري : “حتى الآن لا يمكن تأكيد أو نفي إرسال وفد رسمي إلى أنقرة لبحث زيادة الإطلاقات المائية، والوضع يقترب من الكارثة نتيجة استمرار انخفاض الخزين في السدود الرئيسية”. وأضاف: “تم إرسال عدة وفود خلال الأشهر الماضية للتباحث مع الجانب التركي، لكنها لم تحقق أي نتائج حقيقية”.
وأوضح الجبوري أن “مناطق واسعة، خصوصًا في الفرات الأوسط والجنوب، تعاني من نقص حاد في المياه، ما يهدد الزراعة والأمن الغذائي”، مشددًا على أن “بعض المسؤولين في الدولة يمارسون مجاملة واضحة للجانب التركي لأسباب شخصية، فيما يدفع ملايين العراقيين ثمن هذه المجاملة”. وأكد أن “مطالبة العراق بحقوقه المائية تستند إلى القوانين والاتفاقيات الدولية، وأن استمرار تجاهل الأزمة يمثل خطرًا يهدد حياة المواطنين”.
ويشير خبراء إلى أن غياب التفاهمات الفنية الملزمة بين بغداد وأنقرة، إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية داخليًا، زاد من تعقيد الأزمة. وبدلاً من تبني استراتيجية مائية مستدامة، تعتمد السلطات على إجراءات طارئة مؤقتة لا تحمي حصص العراق القانونية ولا تؤمن احتياجاته المستقبلية، ما يعكس إخفاقًا متكرّرًا في إدارة أزمة تهدد الأمن الغذائي وحياة ملايين العراقيين .
![]()
