بغداد – أثار تقرير رقابي صادم صدر عن مؤسسة مدارك عاصفة من الغضب الشعبي في محافظة الأنبار، بعد أن كشف عن تدني غير مسبوق في أداء ممثلي المحافظة داخل مجلس النواب، إذ لم تتجاوز مشاركاتهم 30 جلسة من أصل 148 جلسة خلال ثلاث سنوات من عمر الدورة الحالية (2022 – 2025).
التقرير، الذي وصف أداء نواب الأنبار بأنه “مخجل ومخزٍ سياسياً”، أكد أن 15 نائباً عن المحافظة غابوا بشكل شبه تام عن جلسات البرلمان ومناقشاته، رغم حساسية الملفات التي تمس حياة أكثر من مليوني مواطن، من ملف الإعمار والتعويضات إلى البطالة وتدهور الخدمات في مدن المحافظة الغربية.
مصادر من داخل مجلس المحافظة أكدت أن هذا الغياب المزمن للنواب انعكس بشكل مباشر على شلل الدوائر الخدمية في الأنبار، موضحة أن “صوت الأنبار غائب في بغداد، لذلك بقيت مشاريع الإعمار متوقفة، والقرارات المالية مركزية وبعيدة تماماً عن الواقع المحلي”.
الناشط المدني أحمد الكربولي قال إن أبناء الأنبار “لم يمنحوا أصواتهم لشخصيات تبحث عن المناصب والامتيازات، بل لمن يُفترض بهم أن يدافعوا عن قضايا الناس”، مضيفاً أن “النتيجة كانت نواباً صامتين، حضورهم شكلي وأداؤهم صفري، لا يتابعون ولا يشرّعون ولا يراقبون”.
وأشار الكربولي إلى أن ما ورد في التقرير يمثل “فضيحة سياسية مكتملة الأركان”، داعياً المواطنين إلى محاسبة النواب المقصرين في الانتخابات المقبلة، بعدما تحوّل العمل النيابي إلى منصة للمنافع الشخصية بدلاً من تمثيل حقيقي للمجتمع.
تقرير “مدارك” لم يكتفِ بالتشخيص، بل ربط هذا التراجع الخطير بما وصفه بـالفساد البنيوي داخل المنظومة التشريعية، حيث يغيب مبدأ المساءلة والمحاسبة عن النواب المتخلفين عن أداء واجبهم، في وقت تتعطل فيه مشاريع القوانين ويختنق الأداء الحكومي ببيروقراطياً.
وفي ظل الغياب المتكرر لجلسات البرلمان العراقي منذ أيلول الماضي بسبب عدم اكتمال النصاب، تتصاعد الأصوات المطالبة بتجميد رواتب النواب غير الملتزمين وإلزامهم بحضور الجلسات، خصوصاً بعدما بات من الواضح أن البرلمان تحوّل إلى مؤسسة مشلولة تستهلك أموال الدولة دون أن تؤدي أي دور فعلي في الرقابة أو التشريع.
وهكذا يكشف التقرير أن ما يجري في الأنبار ليس مجرد “ضعف أداء”، بل تجسيد صارخ لفساد المنظومة السياسية التي حولت التمثيل الشعبي إلى تجارة بالمقاعد، فيما يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر، عالقاً بين وعود انتخابية زائفة وواقع خالٍ من أي إنجاز.
![]()
